عون يقبل استقالة جرمانوس… و”يَنسف” التشكيلات!

مدة القراءة 5 د


بعد أربعة أشهر من تقديم مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس استقالته من السلك القضائي، وقّع رئيس الجمهورية ميشال عون يوم السبت مرسوم قبول الاستقالة.  

سيتولّى، وفق معلومات “أساس”، معاون مفوّض الحكومة القاضي فادي عقيقي مهام مفوض الحكومة بالإنابة كونه القاضي الأعلى درجة، وقد تمّ تبليغه رسمياً بذلك.  

يأتي ذلك كأحد المؤشّرات لحسم الرئيس عون توجّهه بعدم توقيع التشكيلات القضائية بعدما وصله مرسوم موحّد يضمّ القضاة العدليين في المحاكم العادية والقضاة العدليين في المحاكم العسكرية.

إقرأ أيضاً: بيتر جرمانوس: ليلة سقوط الغطاء (2/2)

تقول مصادر قضائية بارزة إنّه “لو كان هناك نية لدى رئيس الجمهورية بتوقيع مرسوم التشكيلات، لكان فَعَل ذلك بالتزامن مع توقيع مرسوم استقالة القاضي جرمانوس بما يتيح استلام مفوض الحكومة الجديد الوارد اسمه في التشكيلات المجمّدة، وهو القاضي كلود غانم منعاً لشغور المركز”.

في هذا السياق يبدو أنّ رئاسة الجمهورية في صدد دراسة التشكيلات ووضع ملاحظاتها عليها مجدّداً وإرسالها إلى مجلس القضاء الأعلى عبر وزارة العدل.

وتؤكد المعلومات أنّ عون استاء كثيراً ممّا وصفه بـ”احتفالية التوقيع” على المرسوم حيث كتب أمين عام مجلس الوزراء محمود مكية تغريدة في الخامس من حزيران على صفحته على “تويتر” تفيد بمراحل توقيع المرسوم قائلاً: “اليوم وَرد مرسوم التشكيلات القضائية إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء. اليوم أرسلته الأمانة العامة للتوقيع من قبل وزيرة الدفاع ووقّعت. اليوم أرسِل للتوقيع من قبل وزير المالية ووقّع، واليوم وقّعه الرئيس حسان دياب واليوم أرسِل المرسوم إلى المديرية العامة لرئاسة الجمهورية”.

لم يأتِ سَرد مكية لمراحل التوقيع على المرسوم حاصداً أربعة تواقيع في يومٍ واحد سوى في إطار “التمريك” على رئاسة الجمهورية وتبرئة الذمّة من تهمة التأخير والضغط على بعبدا لـ”تحرير” التشكيلات القضائية.   

وبدا لافتاً في هذا السياق الردّ المباشر، وإن المتاّخّر، على خطوة مكّية، من جانب وزير العدل السابق ومستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي، متحدّثاً عن “خطوتين أقدم عليهما مكية بخفّة لم نعهدها فيه: تغريدة بشأن مسار مرسوم عادي في سياق احتفالية توقيع في رئاسة الحكومة، وتولّي رئاسة مجلس الخدمة المدنية بالوكالة من دون حلف اليمين امام رئيس الجمهورية”، قائلاً “يكفينا غير المألوف في معرض الجد”.

وعملياً، أتت خطوة مكية عقب قيام وزيرة العدل ماري كلود نجم باسترداد مرسوم تشكيلات القضاة العدليين في المحاكم العادية الموجود لدى رئيس الجمهورية، فعمدت إلى دمجه مجدّداً مع مرسوم القضاة العدليين في المحكمة العسكرية (بعدما قامت سابقاً بتجزئته إلى مرسومين) إثر أخذ مجلس القضاء الأعلى بطلب وزيرة الدفاع زينة عكر تخفيض كادر القضاة في المحكمة العسكرية  من 18 إلى 12.

مجلس القضاء الأعلى مَنَحَ رئيس الجمهورية ورقة قوية كون التشكيلات القضائية لم تأتِ محصّنة كفاية من الاستهداف والانتقاد، وهذا ما أعطى الرئيس عون مبرّراً لعدم توقيعها

ووفق مصادر مطّلعة قريبة من بعبدا “سيدرس رئيس الجمهورية  التشكيلات لناحية تطابقها مع المعايير الدستورية والمبدئية وليس استناداً الى الأسماء. وسيعيدها إلى مجلس القضاء الأعلى باعتبار أنّ هذا القرار حقّ دستوري له، إذ يستطيع الرئيس مخاطبة أيّ جهة رسمية أو قضائية”.

مصادر بعبدا تأخذ “دستورياً” على التشكيلات “تمسّك مجلس القضاء الأعلى بالتوزيع المذهبي لمراكز القضاة، وقد ورد ذلك خطياً في الأسباب الموجبة التي أوردها، وذلك خلافاً للدستور الذي تحدّث عن المناصفة في التوزيع الطائفي، أي لناحية العدد وليس في توزيع المراكز وتكريس وظائف الفئة الأولى لمذاهب محدّدة”.

وذكّرت المصادر بأنّ “معهد القضاء لا يأخذ أصلاً بالمعيار الطائفي في قبول الترشيحات، مع العلم أنّ وزيرة العدل، من ضمن الملاحظات التي أرسلتها إلى المجلس، اعترضت على تمسّك الأخير بالتوزيع الطائفي والمذهبي في توزيع القضاة ما يشكّل عائقاً أمام ترسيخ مفهوم القاضي المناسب في المكان المناسب”، مشيرة إلى أنّ “مجلس القضاء الأعلى نقل المحاصصة عملياً من القوى السياسية إلى داخله ما أطاح بوحدة المعايير”!

ويتمّ درس التشكيلات في بعبدا في ظلّ خوض رئاسة الجمهورية معركة الدفاع عن عدد من القضاة المحسوبين على العهد مع تسليم عون “بالظلم الذي لحق بهم، برأيه، كنتيجة لعدم الأخذ بوحدة المعيار بين القضاة”.

ويقول مطلعون في هذا السياق إنّ “مجلس القضاء الأعلى مَنَحَ رئيس الجمهورية ورقة قوية كون التشكيلات القضائية لم تأتِ محصّنة كفاية من الاستهداف والانتقاد، وهذا ما أعطى الرئيس عون مبرّراً لعدم توقيعها. لكنّ تصرّف بعض القضاة المحسوبين عليه أساء إليهم وإلى عون شخصياً، والقاضية غادة عون نموذج، لأنّها تمرّدت على مجلس القضاء الأعلى وهاجمته مباشرة، وبشكلٍ لاذع، ووضعت استقالتها بتصرّف رئيس الجمهورية”.

في المقابل، يضيف هؤلاء أنّ “هناك قضاة صُنّفوا في خانة المحسوبين على الرئيس سعد الحريري، منهم القاضي هاني حلمي الحجار مثلاً، الذي شكّل حالة فاقعة لجهة الظلم الذي لحق به. ومع ذلك ارتأى الحريري التشديد على مبدأ احترام قرار السلطة القضائية والدفع باتجاه المطالبة بتوقيع مرسوم التشكيلات ما منح القاضي الحجار حصانة من التدخّل السياسي فقدتها القاضية عون وغيرها من القضاة”.

المعركة مفتوحة إذاً يبن مجلس القضاء الأعلى وبين رئاسة الجمهورية.

من يربح؟

من المبكّر الإجابة على هذا السؤال.

مواضيع ذات صلة

إسرائيل تتوغّل جنوباً: هذه هي حرّيّة الحركة!

بعد انقضاء نصف مهلة الستّين يوماً، الواردة في اتّفاق وقف إطلاق النار، ها هي القوّات الإسرائيلية تدخل وادي الحجير. ذلك الوادي الذي كان في عام…

الموقوفون الإسلاميّون… ملفّ أسود حان وقت إقفاله

عاد ملفّ الموقوفين الإسلاميين إلى الواجهة من جديد، على وقع التحرّكات الشعبية المطالبة بإقرار (العفو العام) عفو عامّ لحلّ هذا الملفّ، الذي طالت مأساته على…

الجماعة الإسلامية: انقلاب يقوده الأيّوبيّ ومشعل

إذا أردت أن تعرف ماذا يجري في “الجماعة الإسلامية”، فعليك أن تعرف ماذا يجري في حركة حماس،  وعلاقة الفرع اللبناني بالتحوّلات التي تشهدها حركة حماس……

لا تعهّد إسرائيليّاً بالانسحاب

قابل مسؤولون إسرائيليون الشكاوى اللبنانية من الخروقات المتمادية لقرار وقف إطلاق النار، بسرديّة مُضلّلة حول “الانتشار البطيء للجيش اللبناني في جنوب الليطاني، بشكل مغاير لما…