عبد اللهيان في لبنان بانتظار العدوان

مدة القراءة 6 د


تطوّرات متسارعة وسباق محموم بين الاتفاق على هدنة طويلة في غزّة وجنوب لبنان وحماوة الميدان. قطعُ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارته لإسرائيل هي إشارة مؤكّدة إلى فشل المفاوضات ووجود تباين أميركي إسرائيلي حول استمرار الحرب وتوسّعها إلى رفح. ذكرت صحيفة “هآرتس” أنّ “خلافاً كبيراً نشب بين نتانياهو وبلينكن أثناء زيارته. فالأخير حذّر إسرائيل من توسيع الاستهدافات في لبنان وتجنّب الحرب، لكنّ نتانياهو رفض ذلك وأكّد أنّ الحزب سيتمّ ردعه عسكرياً وبكلّ الوسائل”.

غادر بلينكن على وجه السرعة وحضر وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت، ومنها سيكمل إلى قطر للقاء مسؤول حماس خالد مشعل. في المعلومات أنّ الزيارة تمّ التحضير لها على عجل ولم تكن مدرجة على جدول أعماله، وقد فرضتها تطوّرات الميدان وفشل الاتفاق.

قطعُ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارته لإسرائيل هي إشارة مؤكّدة إلى فشل المفاوضات ووجود تباين أميركي إسرائيلي حول استمرار الحرب وتوسّعها إلى رفح

عبد اللهيان على الموعد

مثلما سبق أن زار عبد اللهيان لبنان والمنطقة في بداية الحرب يعود ليزورها بينما يتمّ البحث عن اتفاق ينهيها. ويلتقي مسؤول حماس في قطر والأمين العام للحزب في لبنان والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد نخالة. تقول مصادر مواكبة إنّ حضور عبد اللهيان يندرج في سياق التأكيد على دور إيران في المساعي المبذولة لوقف النار في غزّة والتهدئة في الجنوب، ويأتي في ظلّ الحراك الأميركي القطري المصري الفرنسي. وقد سبق أن أكّد سفيرا كلّ من السعودية ومصر في لبنان أنّ دور إيران ضرورة ضمن الدول الساعية إلى الحلّ وأنّ التنسيق معها قائم وضروري.

عبد اللهيان المطّلع وعلى تواصل دائم مع العُماني والقطري والتركي والسعودي ويتابع تفاصيل المشهد الإقليمي عن كثب أطلع المسؤولين في لبنان على حقيقة ما يجري، لكنّ لقاءه الأهمّ في لبنان سيكون مع السيد نصر الله ولاحقاً مع ممثّلي حماس لينقل لهم تفاصيل العروض والرسائل التي تتلقّاها بلاده بخصوص الحرب في غزة. وتكشف مصادر واسعة الاطّلاع أنّ إيران تلقّت عرضاً أميركياً بتسوية شاملة في المنطقة يكون من ضمنها حلّ الدولتين وانسحاب إسرائيل من الجنوب، فكان ردّ إيران أن لا كلام في أيّ تسوية قبل وقف إطلاق النار ولا تفاوض عن حلفائها.

ترفض المصادر اعتبار الزيارة مؤشّراً إلى قرب الاتفاق، وتقول: “لا نتوقّع نتائج سريعة للمباحثات، فالعوائق لا تزال كثيرة ومتشعّبة”. عند نضوج مسوّدة الاتفاق الأولى طلبت حماس رأي الحزب والتنسيق معه بشأنها. وقد وصل وفد من حماس إلى بيروت والتقى بعيداً عن الإعلام الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله للاستماع إلى تقويمه للاتفاق، فكان الجواب أنّ “تقدير الموقف يعود لكم وحدكم، وأنتم الأدرى بغزة وأهلها، وليكن ما ترونه مناسباً”.

يعتبر الحزب كما إيران أنّ قرار الاتفاق بتفاصيله محصور بحماس وليس بيد أيّ طرف آخر. ويتشكّكان في نوايا إسرائيل التي تسعى إلى تفشيل الاتفاق والانقلاب عليه بتصعيد عسكري وشيك. فكلّ من زار لبنان من الموفدين الدوليين حمل تحذيرات من أنّ فشل الاتفاق سيقود إلى حرب. وحدها فرنسا أرسلت عبر موفدها ورقة عمل ببنود واضحة تتحدّث عن تراجع قوات الرضوان مسافة معيّنة إلى شمال الليطاني كضمانة لإسرائيل لعودة مستوطنيها إلى الحدود الشمالية، وتحدّثت عن انتشار الجيش اللبناني على الحدود ووعدت بتوفير مساعدات لتزويد الجيش بما يلزمه للقيام بمهامّه. تريد فرنسا العمل على اتفاق رسمي بضمانات من كلا الطرفين. قبلها كان الموفد الأميركي آموس هوكستين أكثر واقعية حين قال بصريح العبارة: “من المنطق أن لا مفاوضات قبل وقف الحرب، وحين تنتهي الحرب يصبح التفاوض على الملفّ اللبناني أسهل”.

ذكرت صحيفة “هآرتس” أنّ “خلافاً كبيراً نشب بين نتانياهو وبلينكن أثناء زيارته. فالأخير حذّر إسرائيل من توسيع الاستهدافات في لبنان وتجنّب الحرب، لكنّ نتانياهو رفض ذلك

فشل الاتفاق يعني مزيداً من التصعيد الإسرائيلي الذي استهدف للمرّة الأولى منذ حرب تموز عام 2006 مدينة النبطية، فردّ عليه الحزب باستهداف الداخل الإسرائيلي بوابل من الصواريخ “لم نشهده منذ عام 2006″، كما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية. وصل عبد اللهيان ليقول إنّ الميدان لا يزال الهمّ الأساسي والوحيد، سواء في غزّة أو في جنوب لبنان. وجّه رسالة إلى الأميركيين فحواها الاستعداد لاستكمال المفاوضات “شرط ألّا تجرّكم إسرائيل إلى الحرب”، وهو ما يؤكّد وجود كلام مباشر بين الطرفين، وأنّ التواصل بينهما قطع شوطاً كبيراً. فحوى ما قاله كبير الدبلوماسيين الإيرانيين أنّ “الأولويّة لا تزال للميدان الذي يحدّد مسار المفاوضات، سواء مع حماس أو الحزب، وحين يتعرقل التفاوض يصبح التركيز على الميدان، ويكون سبب التصعيد رفع سقف المفاوضات الجارية في مصر وباريس للضغط على حماس” .

مخاوف في الأمم المتّحدة

تتخوّف مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة من أن نكون أمام تمادٍ في الاعتداءات الإسرائيلية خلال الأيام المقبلة ورفض الولايات المتحدة وإيران للحلّ قبل رحيل رئيس وزراء إسرائيل الذي يرفض المغادرة بلا ضمانات حجب المحاسبة عنه.

تتابع المصادر أنّ المفاوضات الجدّية حول غزّة هي تلك التي تشهدها باريس ويشارك فيها رؤساء الأجهزة الأمنيّة في كلّ من الولايات المتحدة وفرنسا ومصر وقطر وحماس، والأخرى التي تقودها مصر وتشارك فيها حماس مباشرة، والتي لم تنضج بعد، ولأجل ذلك تمّ إرجاء المشروع الجزائري المقدّم إلى مجلس الأمن لوقف إطلاق النار إلى أن تتمّ بلورة الاتفاق حول إطلاق الأسرى الذي يجري التفاوض بشأنه بين رؤساء الأجهزة الأمنيّة الممثّلين لهذه الدول الخمس.

إقرأ أيضاً: “فتوى مكّيّة” تَكسر “فتوى السيّد”!

تتحدّث المصادر عن أنّ إعادة خلط الأوراق مجدّداً سيجرّ معه مزيداً من التصعيد الإسرائيلي، ولذا هدف زيارة عبد اللهيان هو تنسيق مرحلة ما بعد فشل المفاوضات والتصعيد لتحسين شروط التفاوض. الوضع في غاية الخطورة وأيّ من طبّاخي الحلّ في أيّ بلد غير قادر على تحديد الاتجاه نحو الحرب أو الاتفاق. مشهد سوداوي بالغ التعقيد يريد كلّ طرف توظيفه لتحسين وضعيّته التفاوضية في اتفاق يجد الطرفين نفسيهما مجبرين على تقديم تنازلات لإنهاء حرب منهكة لكليهما.

مواضيع ذات صلة

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…