شركات على “مرفأ” الإفلاس…”التأمين” على مين؟

مدة القراءة 4 د


شهران مرّا على جريمة تفجير مرفأ بيروت، وأكثر من 1200 دعوى ضدّ الدولة القاتلة، ليضمن المتضرّرون وذووهم حقوقهم. وأكثر من 90% من حاملي بوالص التأمين ينتظرون نتائج التحقيق الرسمي وقرار شركات إعادة التأمين “Reinsurer”. أما القطاع التأمينيّ ككلّ، فيتخبّط بسبب ضعف وزارة الاقتصاد وتأرجحها بين سيناريوهين:

– الأول: أن يُبيّن التحقيق أنّ التفجير ناجم عن عمل إرهابي، ما يعني أنّ شركات إعادة التأمين ستغطي المؤمَّنين على الهجمات الحربية حصراً. هذا الأمر سيؤدي إلى عدم التعويض على الجزء الأكبر من المؤمّنين. وفي هذا السياق، تشير الأرقام الأخيرة إلى أنّ الخسائر تتراوح بين 700 مليون وبين مليار دولار أميركي، في وقت بلغ حجم القطاع خلال الفترات الذهبية 1.6 مليار دولار فقط.

إقرأ أيضاً: شركات التأمين تتهرّب من كورونا ومن أضرار تفجير بيروت

– أما السيناريو الثاني، فهو أن يسحب وزير الاقتصاد والتجارة في الحكومة المستقيلة راوول نعمة تراخيص عدد من الشركات. وهو للمناسبة ملف أجّل نعمة البتّ فيه منذ أشهر. إلا أنّ وضع ملاءة شركة “Medgulf”، التي تؤمّن مرفأ بيروت، لا يتحمّل مزيداً من المماطلة.

ترتكز نيّة نعمة إلى الأوضاع المالية السيئة للشركات بالإضافة إلى الخسائر الكبيرة التي تكبّدها جزء منها، إما بسبب الانخراط في لعبة الـ”Eurobonds”، أو جرّاء تراكم المشاكل المالية من دون اتخاذ أيّ إجراءات إنقاذية من قبل الوزراء المتعاقبين.

بحسب مصادر مطّلعة، تعاني كلٌّ من “Medgulf” و”Victoire” و”Amana “و”El-Mashrek” من صعوبات جدّيّة في ملاءتها المالية، وهي دخلت بالفعل في خانة الـred zone. أما “Medgulf ” المؤمِّن الحصري للمرفأ، وهي موضع الاهتمام راهناً، فرأسمالها متآكل منذ عدّة سنوات

هكذا، يواجه القطاع برمّته خطر تخلّي شركات إعادة التأمين العالمية عن السوق اللبنانية، وهو ما سيستوجب خلال المرحلة المقبلة، عمليات دمج بين شركات، واستحواذ بين أخرى، إلى جانب إشهار إفلاس عدد لا يُستهان به منها. يدلّ ذلك باختصار على أنّ لبنان مقبل على فترة إعادة هيكلة قطاع التأمين، لكن من دون أطُر واضحة.

ليست قضية ملاءة شركات التأمين وليدة الأمس القريب، بل إنّها تعود إلى عهد الوزير منصور بطيش عندما علّق ترخيص شركة “Liberty”، واستمرت مع نعمة الذي سحب ترخيص شركة “Mains”. وبحسب مصادر مطّلعة، تعاني كلٌّ من “Medgulf” و”Victoire” و”Amana “و”El-Mashrek” من صعوبات جدّيّة في ملاءتها المالية، وهي دخلت بالفعل في خانة الـRed Zone. أما “Medgulf ” المؤمِّن الحصري للمرفأ، وهي موضع الاهتمام راهناً، فرأسمالها متآكلاً منذ سنوات عديدة. وفي حال سحب رخص الشركات المذكورة، فسيخسر أكثر من مليون شخص من حاملي البوالص تأمينهم.

في ظلّ كلّ ذلك، تستمرّ وزارة الاقتصاد والتجارة باعتماد نهج شراء الوقت والهروب إلى الأمام، من دون التنسيق مع الشركات، وبلا أيّ جهد لرسم معالم استراتيجية للمرحلة المقبلة. أما جمعية شركات الضمان في لبنان “ACAL”، فتتلهّى بتقاذف المسؤوليات مع غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت، التي كانت قد أطلقت مبادرة بالتنسيق مع الشركة الإيطالية “Technical Solutions” لمساعدة المؤمَّنين للمطالبة بحقوقهم من الشركات.

في خضم هذه المعمعة، تكتفي الوزارة المعنيّة بهدر المزيد من الوقت من دون أيّ ضمانة لحقوق من فقدوا كلّ شيء بعد الرابع من آب الماضي

من وجهة نظرها، تعتبر “ACAL” أنّ هذه الاتفاقية ستؤدي لا محالة إلى تدهور العلاقة مع معيدي التأمين بسبب علاقتهم السيئة مع الشركة الإيطالية في العديد من الدول. كما تتهم “ACAL” أنّ “غرفة بيروت” بتقاضي عمولات من هذه الاتفاقية.

بموازاة ذلك، يُطرح سؤال مشروع، وهو كيفية تسديد الشركات اللبنانية التعويضات للمتضرّرين، بالدولار الأميركي أم بالليرة اللبنانية، ووفقاً لأيّ سعر صرف؟ فالشركات المحلية، تتفاوض مع معيدي التأمين من أجل تحويل المبالغ المتوجبة إلى حسابات خارج لبنان، في محاولة لتأمين الـfresh dollar.

وفي خضم هذه المعمعة، تكتفي الوزارة المعنيّة بهدر المزيد من الوقت من دون أيّ ضمانة لحقوق من فقدوا كلّ شيء بعد الرابع من آب الماضي. ولعلّ الإجراء الوحيد الذي اتخذته، إلى جانب الترهيب بسحب رخص الشركات، كان إلزام الخبراء بالاستحصال على رخص قبل إصدار أيّ تقرير ناجم عن التفجير. أي إنّ الوزارة قد نسفت كلّ التقارير التي سبق وصدرت قبل قرارها المباغت هذا، وهو ما يجعل السوق التأمينية كالبازار من دون أيّ حلول عمليّة واقعيّة.

 

مواضيع ذات صلة

هذه هي الإصلاحات المطلوبة في القطاع المصرفيّ (2/2)

مع تعمّق الأزمة اللبنانية، يصبح من الضروري تحليل أوجه القصور في أداء المؤسّسات المصرفية والمالية، وطرح إصلاحات جذرية من شأنها استعادة الثقة المفقودة بين المصارف…

لا نهوض للاقتصاد… قبل إصلاح القطاع المصرفيّ (1/2)

لبنان، الذي كان يوماً يُعرف بأنّه “سويسرا الشرق” بفضل قطاعه المصرفي المتين واقتصاده الديناميكي، يعيش اليوم واحدة من أخطر الأزمات النقدية والاقتصادية في تاريخه. هذه…

مجموعة الـ20: قيود تمنع مواءمة المصالح

اختتمت أعمال قمّة مجموعة العشرين التي عقدت في ريو دي جانيرو يومي 18 و19 تشرين الثاني 2024، فيما يشهد العالم استقطاباً سياسياً متزايداً وعدم استقرار…

آثار النّزوح بالأرقام: كارثة بشريّة واقتصاديّة

لم تتسبّب الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان في إلحاق أضرار مادّية واقتصادية مدمّرة فحسب، بل تسبّبت أيضاً في واحدة من أشدّ أزمات النزوح في تاريخ…