شبهات لأصابع أميركية: نتنياهو قتل “مطوّر الصواريخ البالستية”

مدة القراءة 5 د


“محسن فخري زاده… تذكّروا هذا الاسم”، هذا ما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 30 نيسان عام 2018 في كلمة أعلن خلالها عن استيلاء جهاز الاستخبارات الإسرائيلي على حزمة من الوثائق التي قال إنّها تدلّ على مساعي إيران لتطوير ترسانة نووية، واصفًا فخري زاده بأنّه “يقود برنامج إيران النووي العسكري”.

وفي عام 2014، تطرّق دبلوماسي غربي في حديث لوكالة “رويترز” إلى دور هذا العالم في برنامج طهران النووي، قائلاً: “إذا قرّرت إيران عسكرة عمليات التخصيب، فإنّ فخري زادة سيُعرف بأبي القنبلة النووية”. وفي التقرير نفسه نقلت الوكالة العالمية، عن مصدر إيراني رفيع المستوى تأكيده أنّ فخري زاده يحوز 3 جوازات سفر وينفّذ كثيرًا من الرحلات الخارجية، لاسيما إلى دول آسيا، بغية الحصول على “آخر معلومات من الخارج”، مضيفاً أنّ هذا العالم ملتزم بتطوّر إيران التكنولوجي، ويحظى بالدعم الكامل من المرشد الأعلى علي خامنئي. وهو واحد من خمسمائة شخصية اختيروا في العام 2007 باعتبارهم الأكثر تأثيراً دولياً.

وفي 27 تشرين الثاني 2020، وأثناء مرور سيارة العالم الفيزيائي الإيراني على تقاطع طرق على طريق دماوند – طهران السّريع، اعترضته مجموعة مُسلحة وأطلقت النار عليه ما أسفر عن مقتله و4 من مرافقيه، وأحد عناصر المجموعة. مقتل فخري زاده قد يُعتبر موازيًا إن لم يكن أهم من اغتيال قائد قوة القدس السابق الجنرال قاسم سليماني قبل نحو 11 شهرًا في بغداد بطائرة من دون طيّار أميركية. إلا أنّ البصمات الواضحة على عملية اغتيال العالم الإيراني، المسؤول بحسب معلومات خاصّة بموقع “أساس” عن تطوير الرؤوس الدّقيقة للصواريخ الباليستية الإيرانية، تعود إلى الموساد الإسرائيلي، وذلك لعوامل ومؤشرات عديدة أبرزها:

– تأكيد نتنياهو على أنّ محسن فخري زاده يقود برنامج طهران النووي العسكري، قائلًا للعالم بأسره “تذكّروا هذا الاسم”.

– تأكيد المسؤولين الإسرائيليين أنّ تل أبيب لن تسمح لإيران بامتلاك القنبلة النووية، وقد ارتفع هذا التهديد من المنظور الإسرائيلي مع توجّه إيران لرفع معدّلات تخصيب اليورانيوم إلى 20%، وهو المعدّل العلمي الكافي لصنع القنبلة النووية.

عملية اغتيال العالم الإيراني، المسؤول بحسب معلومات خاصّة بموقع “أساس” عن تطوير الرؤوس الدّقيقة للصواريخ الباليستية الإيرانية، تعود إلى الموساد الإسرائيلي

– مشابهة العملية من حيث التنفيذ لعمليات سابقة جرت خلال العقدين الأخيرين طالت علماء نوويين إيرانيين وجّهت بعدها طهران أصابع الاتهام للموساد.

– اتهام المستشار العسكري لمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي لإسرائيل بالوقوف وراء اغتيال فخري زاده.

– اتّهام الرئيس الإيراني حسن روحاني إسرائيل بتنفيذ عملية الاغتيال.

– مسارعة وسائل الإعلام الإسرائيلية لبثّ خبر الاغتيال قبل انتشاره على الوكالات الإيرانية الرسمية وغير الرسمية.

وتشير عملية اغتيال فخري زاده أيضًا في طريقة تنفيذها إلى وقوف جهاز محترف أو أكثر خلف الاغتيال الذي وقع في وضح النهار، ليترك ملاحظات مهمّة لا بدّ من الإشارة إليها وهي:

أوّلًا: تنفيذ العملية على تقاطع طرق موجود على طريق سريع، ما يعني أنّ الجهة التي تقف خلف العملية محترفة جدًا بتنفيذ الكمائن، وذلك للاستفادة من تخفيف سرعة سيارة العالم الفيزيائي الإيراني لتأكيد إصابة الهدف.

ثانيًا: التنفيذ تمّ على الأرجح بأيدي عملاء داخليين للموساد الإسرائيلي، ويشير المراقبون إلى أنّ الاحتمال يتجه نحو تجنيد المنفذين من منطقة الأحواز التي تنشط فيها الأجهزة الإسرائيلية بسبب أوضاعها السياسية ونزعتها الانفصالية عن إيران. واقتصر دور الموساد المباشر على تأمين الأسلحة والذخيرة وتدريب القتلَة على تنفيذ العملية.

– اغتيال عالم بوزن فخري زاده، يُحتّم مراقبة دقيقة على الأرض ومن الجوّ على قاعدة eye in the sky، أكان عبر طائرات بدون طيار أو أقمار تجسس، وهذا أيضًا يرفع احتمال أن يكون جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية ضالعًا في العملية.

– مقتل 4 من مرافقي الدكتور فخري زاده يدلّ على أنّ إطلاق النّار استهدف العناصر المواكبة قبل فخري زاده، وذلك لضمان نجاح الاغتيال.

– استطاعة المنفّذين إخلاء مكان العملية بشكلٍ سريع، ما يفتح السّؤال عن تمكّنهم من مغادرة الأراضي الإيرانية، كون عملية كهذه إذا تخلّلها إخلاء لمسرح الاغتيال فهذا يدلّ بالتأكيد على وجود خطة متكاملة للهروب.

تشير عملية اغتيال فخري زاده أيضًا في طريقة تنفيذها إلى وقوف جهاز محترف أو أكثر خلف الاغتيال الذي وقع في وضح النهار

– رفض وزارة الدفاع الأميركية التعليق على العملية، وفي العادة يدلّ امتناع البنتاغون عن التعليق على دور أميركي في العملية، إلى أنّ واشنطن تبعث برسائل لإيران عن ضلوعها في العملية عبر ترك باب النّفي والتأكيد مُغلقًا، كما كان الحال في عمليات سابقة أبرزها اغتيال القائد العسكري لحزب الله عماد مغنية في دمشق عام 2008.

إقرأ أيضاً: أبعد من تمثال.. لبنان مستعمرة إيرانية

السّؤال الأبرز اليوم بعد اغتيال فخري زاده الذي سبقه وصول طائرات أميركية من نوع B52 المتخصّصة بضرب أهداف بصواريخ وقنابل نووية أو فائقة القوة إلى المنطقة، هو عن كيفية احتمال رّد إيران على العملية. لأنّ مسؤوليها سارعوا إلى توجيه أصابع الاتهام نحو جهاز الموساد الإسرائيلي، وذلك بعد سلسلة ضربات وجّهها سلاح الجو العبري لأهداف إيرانية في سوريا، أعقبها صمت إيراني لم يُخرق شيءٌ حتى الساعة. إلا أنّ اغتيال شخصية بوزن فخري زاده في وضح النهار يبقى مختلفًا من حيث الشكل والمضمون كونه حصل داخل حدود إيران الجغرافية وليس ضمن “حدودها الاستراتيجية”.

فإذا كان قاسم سليماني هو “أبو المليشيات الإيرانية” في الشّرق الأوسط والمسؤول المباشر عن أذرع طهران تسليحًا وتدريبًا وتوجيهًا، إلا أنّ فخري زاده هو المسؤول المباشر عن البرنامجين النووي والصاروخي لطهران المثيرين لقلق ليس فقط دول جوار إيران، بل أبعد وأبعد….

 

 

مواضيع ذات صلة

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…