“شبح” ترامب… يُرعِب زعماء العالم في دافوس

مدة القراءة 7 د


لم يعد المرشّح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد، لكنّ زعماء العالم المجتمعين هذا الأسبوع في المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس يشعرون بالقلق من أنّ هذا “الشعبوي المثير للمشاكل” سيكون أكثر معاداة للعالم إذا عاد رئيساً للولايات المتحدة، ولديهم سبب وجيه للقلق، وفقاً لمجلّة “بوليتيكو” بنسختها الأوروبية.
فبينما كان ترامب يُتوَّج يوم الإثنين فائزاً في المؤتمر الحزبي الجمهوري في ولاية أيوا ضمن المرحلة الأولى من العملية التمهيدية الرئاسية الأميركية، كان شبحه يطارد حضور الحدث الافتتاحي للمنتدى الاقتصادي العالمي لهذا العام في دافوس ويتردّد اسمه خلف الكواليس في التجمّع السنوي للشركات والسياسيين. وقد أفصحت كريستين لاغارد، رئيسة “البنك المركزي الأوروبي” وأحد المشاركين المنتظمين في دافوس، عن القلق من عودته بصراحة حين قالت في مقابلة للتلفزيون الفرنسي يوم الخميس الماضي: “إذا أردنا استخلاص الدروس من التاريخ، بالنظر إلى الطريقة التي أدار بها السنوات الأربع من ولايته، فمن الواضح أنّ هذا يشكّل تهديداً.. وما عليك سوى إلقاء نظرة على التعريفات التجارية، والالتزام تجاه حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومكافحة تغيّر المناخ. في هذه المجالات الثلاثة وحدها لم تكن المصالح الأميركية متوافقة في الماضي مع مصالح أوروبا”.

ترامب لأوروبا: ادفعوا ما عليكم..
وفقاً لمقرّبين من دائرة ترامب، فإنّ أوروبا محقّة في خوفها. وقال أحد كبار المسؤولين السابقين في إدارة ترامب للمجلّة إنّ “مجموعة دافوس على حقّ في أنّ سياسة ترامب في فترة ولاية ثانية من شأنها أن تعرقل عملها”. بينما قال السيناتور جيه دي فانس، وهو جمهوري من ولاية أوهايو وصاحب رأسمال مغامر، إنّ النخبة العالمية “يجب أن تخاف منه. فهو يرفض أيديولوجيّتها والفوائد المادّية التي تأتي منها”.

وفقاً لمقرّبين من دائرة ترامب، فإنّ أوروبا محقّة في خوفها. وقال أحد كبار المسؤولين السابقين في إدارة ترامب للمجلّة إنّ “مجموعة دافوس على حقّ في أنّ سياسة ترامب في فترة ولاية ثانية من شأنها أن تعرقل عملها

بحسب المجلّة، كان لدى ترامب “رجل الأعمال الملياردير، خلفية مشتركة مع مجموعة دافوس في وقت مبكر من حياته المهنية، عندما كان يختلط بانتظام مع المموّلين الأثرياء، مستغلّاً الصلة بين السياسة والمال. ولكن مع ظهور شهرته السياسية، سعى إلى وضع نفسه في مواجهة النخبة. تجنّب الاجتماعات العالمية في الفترة التي سبقت انتخابه في عام 2016، وأثناء حملته الانتخابية كمرشّح عاديّ ومناهض للعولمة، ووعد بهدم معايير التجارة الحرّة للتركيز على احتياجات العامل الأميركي. ومع ذلك، فقد حضر في عام 2018، بعد مرور عام على ولايته رئيساً، المنتدى الاقتصادي العالمي السنوي، وكان أول رئيس أميركي في منصبه منذ 18 عاماً يحضر المنتدى، وكانت رسالته عبارة عن رسالة تعطيل، حيث جلب علامته الحمائية “أميركا أوّلاً” إلى قلب الموطن الروحي للعولمة”.
عاد مرّة أخرى في عام 2020. بحسب المجلّة، كانت هذه الاجتماعات بالنسبة له بمنزلة مواجهة مع الحلفاء هدّد خلالها بعواقب تحدّي إرادة أميركا. وأوضح المفوّض الأوروبي تييري بريتون، وهو مسؤول كبير في الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، للمجلّة أنّ ترامب حذّر في دافوس عام 2020 من أنّ “الولايات المتحدة لن تهبّ لمساعدة الاتحاد الأوروبي إذا تمّت مهاجمته عسكرياً”.
يذكر المفوّض الفرنسي ما قاله ترامب لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين: “عليك أن تفهمي أنّه إذا تعرّضت أوروبا لهجوم فلن نأتي أبداً لمساعدتك ودعمك”. كما هدّد الرئيس الأميركي صراحة بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي، حجر الزاوية في التحالف عبر الأطلسي لعقود من الزمن. وقال لفون دير لاين، بحسب بريتون: “بالمناسبة، الناتو مات، وسنغادره، سوف نخرج من الناتو”، مضيفاً “وبالمناسبة، أنتم مدينون لي بمبلغ 400 مليار دولار، لأنّكم أنتم الألمان لم تدفعوا ما كان عليكم أن تدفعوه مقابل الدفاع”.
كان الاجتماع بين ترامب وكبار أعضاء المفوضية الأوروبية، بمن فيهم فون دير لاين، قد عقد بعد أسابيع قليلة فقط من بدء ولايتها كرئيسة للسلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي. لهجة ترامب صدمت رئيسة المفوضية الجديدة، حسبما قال مسؤول حضر الاجتماع لصحيفة بوليتيكو. وحدّدت تلك المواجهة في دافوس نغمة العلاقة المتوتّرة بين واشنطن وبروكسل خلال السنوات الباقية من رئاسة ترامب.

قال السيناتور جيه دي فانس، وهو جمهوري من ولاية أوهايو وصاحب رأسمال مغامر، إنّ النخبة العالمية يجب أن تخاف منه. فهو يرفض أيديولوجيّتها والفوائد المادّية التي تأتي منها

الاستعداد لعالم ترامب
تلقي الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة بظلالها على دافوس، وتوضح ماغدا روج من “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية” أنّ “الأمر لا يتعلّق فقط بما ستعنيه رئاسة ترامب بالنسبة للسياسة الخارجية والتجارة، بل لأنّ التجديد الشامل للإدارة من شأنه أن يخاطر بتحويل أميركا إلى ديمقراطية غير ليبرالية، وهذا يمكن أن يعيد تعريف علاقتها مع العالم”.
وفقاً لـ”بوليتيكو”، يشكّل افتقار ترامب إلى الالتزام تجاه حلف شمال الأطلسي جرس إنذار في لحظة حاسمة من الحرب في أوكرانيا. ويرجّح مراقبون أن يقطع ترامب، الذي قال إنّه سيحلّ الحرب في أوكرانيا “خلال 24 ساعة”، المساعدات العسكرية لأوكرانيا أو يخفضها بشكل كبير. فالجمهوريون في الكونغرس متحفّظون بالفعل بشأن الاستمرار في تمويل المجهود الحربي في كييف. ومن ناحية أخرى، يعتقد البعض أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلعب لعبة طويلة الأمد، ويراهن على عودة ترامب للرئاسة. وبحسب الرئيس التشيكي بيتر بافيل، استبعد بوتين إجراء محادثات السلام حتى معرفة نتيجة الانتخابات الأميركية. وقال في مقابلة أخيراً مع الصحافة التشيكية: “لقد أوضح (بوتين) أنّ الشريك في المفاوضات المحتملة بالنسبة له ليس سوى الولايات المتحدة”، محذّراً من أنّ “بوتين قد يحاول التفاوض مباشرة مع ترامب إذا فاز بغضّ النظر عمّا تعتقده أوكرانيا أو بقيّة أوروبا”.
بينما يتشارك العديد من حلفاء الولايات المتحدة التقليديين المخاوف بشأن عودة ترامب، تنتظر دول أخرى عودته، وقد لا يكون لرئاسة ترامب التأثير الذي يخشاه الكثيرون في دافوس، كما ترى “بوليتيكو”. ونقلت عن ماغدا روج قولها: “الدول التي يكون قادتها أكثر استبداداً، على سبيل المثال فيكتور أوربان أو فلاديمير بوتين، لن تذرف الكثير من الدموع إذا عاد”. ونقلت عن المسؤول الكبير السابق في إدارة ترامب قوله إنّ “عرض ترامب بشأن السياسة التجارية، على سبيل المثال، قد يتمّ تنفيذه بالطريقة نفسها كما لو فاز الرئيس جو بايدن بولاية ثانية”.

إقرأ أيضاً: ريتشارد هاس: حلّ الدولتين يحتضر..

وفقاً للمجلة، هناك أيضاً دلائل تشير إلى أنّ عالم الأعمال في الولايات المتحدة قد بدأ بالفعل بالتصالح مع فكرة تولّي ترامب السلطة مرّة أخرى. وقال مسؤول سابق في وزارة الخزانة في إدارة ترامب إنّه “من الواضح أنّ الرئيس السابق ليس الخيار المفضّل لبعض المشاركين في دافوس. لكنّ عالم الأعمال الأميركي يستوعب بشكل متزايد فكرة عودة ترامب، وقد لا يكون الأمر بالسوء الذي يتصوّره البعض”. وقال إنّ العديد من أصحاب الشركات “ليسوا سعداء تماماً بكيفية سير سياسة الحكومة في عهد بايدن. وعلى الرغم من أنّهم يتذكّرون تغريدات وزلّات إدارة ترامب وأجزاء غير اعتيادية من الأجندة السياسية للإدارة الجمهورية، إلا أنّهم يقدّرون النتائج السياسية. هم في المحصّلة يتذكّرون نسبة الـ 80% التي تمّ تنفيذها إلى حدّ كبير بطريقة الجمهوريين السائدة، ويعتقدون نوعاً ما أنّ ذلك سيحدث مرّة أخرى”.

 

لقراءة النصّ الأصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

فريدمان لترامب: كانت المرة الأولى أكثر سهولة

العالم هو دائماً أكثر تعقيداً مما يبدو خلال الحملات الانتخابية، وهو اليوم أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.. وإذا كان قد تمّ تجاوز الكثير من…

برنامج ترامب منذ 2023: الجمهورية الشعبية الأميركية

“سأحطّم الدولة العميقة، وأزيل الديمقراطيين المارقين… وأعيد السلطة إلى الشعب الأميركي“. هو صوت دونالد ترامب الرئيس 47 للولايات المتحدة الأميركية المنتخب يصدح من مقطع فيديو…

20 ك2: أوّل موعد لوقف إطلاق النّار

في حين أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي أنّ إسرائيل تضع خططاً لتوسيع هجومها البرّي في جنوب لبنان، نقلت صحيفة “فايننشيل تايمز” البريطانية عن…

نصائح أوروبيّة وكوريّة… للتّعامل مع ترامب

تستعدّ الحكومات الحليفة والصديقة للولايات المتحدة الأميركية، كما العدوّة والمنافسة لها، لتحوّلات مقلقة وإدارة أكثر تقلّباً في واشنطن في ما يتعلّق بالسياسة الخارجية الأميركية مع…