بعد يومين من الاعتداء على المحامي واصف الحركة، وهو معارض شيعي من وجوه ثورة 17 تشرين، حاول الاعتداء على الإعلامي حسين شمص عدد من “زعران حزب الله”، بحسب ما عرّفوا عن أنفسهم، في فيديو نشره حسين على صفحته الفيسبوكية فجر الأربعاء (مرفق أدناه). شمص المعارض لحزب الله، والقريب من حركة “أمل”، طلب منه الشبّان “مغادرة” ضاحية بيروت الجنوبية. وذلك تحت منزله في منطقة صفير.
وبين الاعتداءين، وعلى وقع خبر من بغداد، عن اغتيال الباحث المعارض لإيران، هشام الهاشمي، تحت منزله أيضاً، خرج الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في خطاب “زراعي” يدعو إلى زراعة “الشرفات والأسطح”.
إقرأ أيضاً: أولاد الهرمل وصيدا وصور: هزموا إسرائيل.. وانتحروا بأسلحتهم
يدعو إلى الزراعة، زعيم أكبر حزب في لبنان والمنطقة، حزب مسلّح حتّى النخاع، سلاحاً استراتيجياً وصواريخ دقيقة، مع عشرات آلاف المقاتلين، وينشر عدداً منهم في عدد من الدول، من سوريا إلى اليمن، مروراً بالعراق، عدا عن عملياته الأمنية السريّة في دول خليجية وأوروبية، وعملياته التجارية والمالية، بين أميركا الجنوبية وأفريقيا، وصولاً إلى الولايات المتحدة الأميركية.
نعرف أنّ الجيوش تمشي على بطنها. أي أنّ الطعام والشراب أساسيان لأيّ جيش. وحزب الله، في أصله وفصله، جيشٌ غير نظامي، واقع تحت حصار ماليّ عالمي. وبيئته، أي عائلات المقاتلين، الصغيرة والكبيرة، وناخبوه، وكذلك خصومه من أبناء الشعب اللبناني، يدفعون ثمناً بدل هذا الحصار، مالياً وسياسياً واقتصادياً.
يدعو نصر الله أهل بيئته واللبنانيين عموماً إلى “الزراعة”. يقول إنّ هذا هو الحلّ لنتفادى الجوع الآتي بسبب الحصار السياسي والمالي. ويدعو الحكومة إلى التوجّه نحو الصين. وهي بدأت في استكشاف الطريق.
نصر الله يريد أن يحارب أميركا فيما هو يبحث عن “أيّ أحد” لمساعدة لبنان، البلد الذي يحكمه بحزبه وحلفائه
لكن نعرف أيضاً أنّ واحدة من أساسيات السياسة الصينية حول العالم، هي عدم “الاصطدام” بالولايات المتحدة الأميركية. الصين رفضت الاصطدام من أجل ملفات صينية تجارية وغير تجارية، وهي بالطبع لن تصطدم كرمى لعيون حزب الله. وهذه الصين، مصنع العالم، وأكثر بلدان العالم نموّاً وإنتاجاً. في حين أنّ حزباً محاصراً، لا يجد قوت بيئته، يريد محاربة الولايات المتحدة، وعبر الطرق على باب الصين الذي يرجّح أن يبقى مقفلاً.
نصر الله دعا إلى طلب المساعدة من أيّ أحد. قال بالحرف: “كلّ فكرة التوجه شرقاً، إذا الصين، إيران، العراق، أي أحد، روسيا إن كانت جاهزة”. نصر الله يريد أن يحارب أميركا فيما هو يبحث عن “أيّ أحد” لمساعدة لبنان، البلد الذي يحكمه بحزبه وحلفائه.
وفي الوقت نفسه يترك الباب مفتوحاً. وفي حين يتهم خصومه بأنّهم “عملاء أميركا”، يطلب مساعدة هذه “الأميركا” نفسها، فيقول بالحرف: “لسنا عقبة أن تأتي أمريكا لتساعد لبنان كأيّ دولة في العالم للخروج من أزمته أو المخاطر المعيشية”.
حزب الله الغارق في أزمته السياسية والشعبية، مع بيئة بدأت تجوع، وتفقد الثقة بمن أوصلها إلى هذا الجوع، يفتح أدراجه، فلا يجد غير مشروع كانت طرحته المخرجة اللبنانية ندين لبكي، حين أطلقت أغنية (مرفقة أدناه) بعنوان “زرّيعة قلبي”، التي دعت إلى المشاركة في مشروع زراعي على مستوى وطني، على “الشرفات والأسطح”.
الحزب الذي كان يريد تحرير القدس، وصل الأمر به إلى أن يخطّط لزراعة شرفات مناصريه، كوسا وبطاطا وباذنجان، لئلا يئنّ مقاتلوه تحت الجوع، هم وعائلاتهم، ومعهم نحن، اللبنانيين، وعائلاتنا…
الزعيم الذي دعانا يوماً كي ننظر إلى البارجة التي قصفتنا “تحترق في عرض البحر”، نقول له اليوم: “أنظر إلى جنى أعمارنا في عرض البرّ، أنظر إلى ودائعنا تحترق”، وارحمنا، فاليوم أنتَ بيدكَ أن ترحم اللبنانيين: استراتيجية دفاعية، وكان الله يحبّ المحسنين والمزارعين.