رئيس “التمييز” العسكريّة لموقوفي خلدة: لن يُظلم أحد عندي

مدة القراءة 5 د


كما في عيون الموقوفين كذلك في عيون أهاليهم، تلمس تطلّعاً إلى ما ستؤول إليه إعادة محاكمة المتّهمين بأحداث خلدة أمام محكمة التمييز العسكرية، وهي تلك الأحداث التي وقعت في آب 2021 بين “عشائر العرب” ومسلّحين من الحزب وأسفرت عن قتل 3 عناصر من الحزب ومدنيَّين اثنين، إثر اشتباكات مسلّحة دارت بين الطرفين. 

مضى أكثر من عامين على تلك الاشتباكات الدامية التي أسفرت عن توقيف 9 أشخاص جميعهم من “عرب خلدة”، صدرت بحقّهم أحكام مشدّدة عن المحكمة العسكرية الدائمة تراوحت بين الأشغال الشاقّة 5 سنوات و10 سنوات، ولطالما اعتبرها الموقوفون “جائرة” وطالبوا بإلغائها.

بالأمس فُتحت “بوّابة العدالة” من جديد، وفقاً لوصف أحد أهالي الموقوفين، “علّها سترفع الظلم الذي لحق بأبنائنا”. لا يُخفي هؤلاء خشيتهم من اختلال ميزان العدالة لأنّ المتّهمين من طرف واحد، معتبرين أنّ “القانون في لبنان لا يُساوي بين الجميع”، مبدين ثقتهم “بشخص رئيس محكمة التمييز القاضي جان قزّي المشهود له باستقلاليّته وبتطبيق العدالة بعد كلّ التسييس الذي لحق بالقضية في المرحلة الابتدائية”.

مضى أكثر من عامين على تلك الاشتباكات الدامية التي أسفرت عن توقيف 9 أشخاص جميعهم من “عرب خلدة”، صدرت بحقّهم أحكام مشدّدة عن المحكمة العسكرية الدائمة تراوحت بين الأشغال الشاقّة 5 سنوات و10 سنوات

المتّهم بريء حتى تثبت إدانته

سرعان ما أتى ردّ رئيس المحكمة على كلّ ما يدور في أذهان المعنيين فبرّد قلوبهم، إذ أعلن من على قوسها، قبيل أن يعلن إرجاء الجلسة بسبب عدم حضور أحد محامي وكلاء الدفاع، أنّ “كلّ شخص يمثل في قفص الاتّهام هو بريء حتى تثبت إدانته، ولقد أخذت على نفسي بأن أساوي المتّهمين بنفسي، العدالة موجودة وستتحقّق في هذه القضية، ولا مكان للظلم، فكلّ صاحب حقّ سيأخذ حقّه”.

وأضاف قزّي: “عندما تخرّجت قاضياً قبل 32 سنة، أقسمت اليمين على تطبيق القانون وتحقيق العدالة، وكلّ يوم أجدّد هذا القسم وأصرّ على تطبيقه كي أنام مرتاحاً. أعاهدكم بأن يأخذ صاحب الحقّ حقّه”.

عدالة عمر بن الخطّاب

عندئذٍ طلب الموقوف الشيخ عمر غصن الكلام، ولمّا أذن له رئيس المحكمة قال: “كلامكم حضرة الرئيس ذكّرني بسيّدنا عمر بن الخطاب، عندما كان خليفة المسلمين. فقد مرّت قافلة من الحبشة بشعاب المدينة المنوّرة، ورأت رجلاً ينام تحت الشجرة فأيقظته وطلبت منه أن يدلّها على الخليفة، فسألها هل تقصدون عمر بن الخطاب، فأجابوه بنعم، فردّ: “أنا الخليفة عمر بن الخطاب”، عندئذٍ تفوّه رئيس القافلة بمقولته الشهيرة: “حَكَمتَ فَعَدَلت فأمِنتَ فَنِمتَ يا عُمر”. وتابع الشيخ: “نحن نراهن على عدالتكم لإحقاق الحقّ ورفع الظلم الواقع علينا، ولن أتكلّم بالطائفية ولا بالاستنسابية في الملاحقات، ونحن أبناء وطن واحد وسنعيش معاً”.

لم يتمكّن رئيس المحكمة من إخفاء تأثّره بالرواية فعاد يؤكّد أنّه “لن يُحَكّم إلّا وفق ضميره والقانون”، آخذاً في الاعتبار “ثلاثة أمور: قضية الموقوفين، حقّ الضحايا وحقّ الشعب اللبناني الذي نحكم باسمه، وسنعمل على ترسيخ العدالة”. وتمنّى القزي على أهالي الموقوفين “عدم قطع الطرقات خلال سير المحاكمة، لأنّ هذا الأسلوب لن يوصل إلى مكان”.

قزّي: عندما تخرّجت قاضياً قبل 32 سنة، أقسمت اليمين على تطبيق القانون وتحقيق العدالة، وكلّ يوم أجدّد هذا القسم وأصرّ على تطبيقه كي أنام مرتاحاً. أعاهدكم بأن يأخذ صاحب الحقّ حقّه

لا أدلّة تُدين المتّهمين بجنايات

في حديث إلى “أساس”، شدّدت المحامية ديالا شحادة من فريق الدفاع عن المتّهمين على أنّ “تركيز وكلاء الدفاع خلال جلسات المحاكمة سينصبّ على ضرورة إخلاء سبيل جميع الموقوفين لعدم وجود أدلّة تثبت ارتكابهم جنايات القتل ومحاولة القتل، واستطراداً يجب الاستناد إلى الأدلّة والبراهين الموجودة في الملفّ”، مشيرة إلى أنّ “المعطيات المتوافرة لا تكفي لتجريم أيّ منهم بالجرائم التي نُسبت إليهم، وبالعكس هناك تشويه للحقائق والتحقيقات، بدليل أنّ العديد من الأدلّة حجبتها مخابرات الجيش (تحديداً داتا كاميرات المراقبة) عن المحكمة وعن جهة الدفاع”.

وصفت شحادة التحقيقات الأوّلية بأنّها “باطلة”، مشيرة إلى “انتهاكات تعرّض لها الموقوفون من خلال التعذيب والتهديد والحطّ من الكرامة”، مؤكّدة أنّ “الأحكام التي صدرت كانت ذات خلفية سياسية ونحن لا نريد سوى تطبيق القانون”. وتابعت: “أقول إنّ القضية سياسية لأنّ السياسة منعت تحقيق العدالة لأهالي خلدة عندما أُعدم طفل في الثالثة عشرة من عمره (حسن غصن) قبل عام من وقوع العمل الثأري والأحداث، وهي سياسيّة لأنّ السياسة منعت الجيش والأجهزة الأمنيّة من حماية أهالي خلدة عند بدء المسلّحين بتسيير مواكبهم في المنطقة قبل نصف ساعة من اندلاع الاشتباكات، وعندما تمّ استقطاب الشبّان للانخراط في “سرايا القدس” (مجموعة طلال أرسلان) لقاء وعود بإخلاء سبيلهم. واستعمل نفوذ “الممانعة”، وتحديداً الحزب، لدى المحكمة العسكرية للتحكّم بمسار التحقيق والمحاكمة. نعم هي قضية سياسيّة لأنّه حصلت خلالها مفاوضات بين فريق من الحزب وفريق من نواب المنطقة وممثّلين عن أهالي خلدة من أجل التوصّل إلى تسوية بشأن الأحكام”.

إقرأ أيضاً: العشائر العربيّة تحمي الوطن تحت خيمتها

توقيف فريق واحد

ذكّرت شحادة بأنّ التوقيفات والملاحقات والأحكام طالت فريقاً واحداً واستثنت الفريق الذي اعتدى على المنطقة ولم توجَّه له أيّ شبهة أو تهمة، وكشفت أنّ وكلاء الموقوفين تقدّموا بعد شهر من وقوع الاشتباكات بشكوى أمام النيابة العامّة التمييزية ضدّ 13 شخصاً (من الحزب) دخلوا خلدة، وأنّ هؤلاء ظهروا بالصورة وتمّ تبيان كامل هويّاتهم من خلال صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال أرقام سياراتهم، وقالت إنّهم (كمحامين) طالبوا باستدعائهم للتحقيق، “إلا أنّ الشكوى ما تزال في أدراج مدير مخابرات جبل لبنان”.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…