أصبح للقاح كورونا لجنة في لبنان. هذا ما أعلنه وزير الصحة حمد حسن من دون أن يوضح مهام هذه اللجنة ودورها. فهل بدأت الوزارة البحث جدّياً في المعايير التي ستحكم الموافقة على اعتماد اللقاح وسط دعوات بالتريّث صدرت عن عدد من المختصين؟ وهل ستكون اللقاحات بمتناول الجميع؟ وهل حُدّدت الفئات التي ستُعطى لها الجرعات الاولى؟
أسئلة حملها “أساس” لرئيس “اللجنة الوطنية للأمراض السارية والمعدية” والاختصاصي في الأمراض الجرثومية الدكتور عبد الرحمن البزري، فأشار بداية إلى أنّ هناك نوعين من اللجان:
الأولى: اللجنة العلمية، وهي لجنة من الاختصاصيين بالأمراض الجرثومية، وهم متطوّعون منذ مدّة طويلة، شُكلت بعد ثاني حكومة ما بعد الطائف (عند انتشار وباء الكوليرا)، وهي مخصّصة لمكافحة الأوبئة، وما زالت موجودة حتى الآن.
الثانية: لجنة التحضير للقاح، وهي لجنة شُكّلت حديثاً، ومهمتها دراسة كلّ اللقاحات التي عُرضت على لبنان بطريقة علمية، وأن تأخذ بعين الاعتبار قدرة لبنان على التعامل مع اللقاح واستقباله. وهي مسؤولة عن الآلية المتبعة في توزيع اللقاح، وتدريب العاملين الصحيين على استخدام اللقاح، والفئة التي ستتناوله بالدفعة الأولى منه، ثم الدفعات الثانية والثالثة والرابعة.
هل بدأت الوزارة البحث جدّياً في المعايير التي ستحكم الموافقة على اعتماد اللقاح وسط دعوات بالتريّث صدرت عن عدد من المختصين؟ وهل ستكون اللقاحات بمتناول الجميع؟ وهل حُدّدت الفئات التي ستُعطى لها الجرعات الاولى؟
وأكد البزري أنّه “لن يدخل لقاح إلى لبنان إلا إذا مرّ بثلاثة معايير أساسية ستحكم عملية الاختيار هي: الفعّالية، والسلامة، وموافقة كلّ من منظمة الصحة العالمية، والوكالة الأوروبية للأدوية، وإدارة الدواء والغذاء الأميركية. كذلك ثمّة معايير أساسية أخرى حاكمة، تتعلّق بالأسعار، وبالقدرة على التكيف، خصوصاً مع الحديث عن صعوبة نقل جرعات اللقاحات لجهة حاجتها إلى التبريد في درجات حرارة منخفضة جداً، وغيرها”.
لكن هل ستكون الجرعات بمتناول الجميع؟
يجيب البزري أنّ “اللقاحات كما بات معروفاً، ستصل على دفعات، وهناك معايير دولية عالمية ستطبّق على السيناريو اللبناني. فليست اعتباطية نسبة الـ20% من السكان التي ستكون محظوظة في الحصول على لقاح في كلّ بلد. وهي، بحسب الاختصاصيين، النسبة المطلوبة ليتمكّن أيّ بلد من حماية نفسه. وتأخذ في الاعتبار الأشخاص الأكثر عرضة للخطر. لذلك، ستتحدّد الأولوية، فيحصل عليه الجهاز الطبي قبل غيره، لكن ليس كلّ الاطباء (مثلاً طبيب الطوارئ، وطبيب العناية الفائقة، وطبيب الأمراض الجرثومية الذي يختلف عن طبيب باختصاص غير معرّض للكورونا). وكذلك الأمر بالنسبة للعاملين الصحيين (المسعف في الطوارئ أو من يُحضرون المصاب إلى المستشفيات، لهم الاولوية، وهم مختلفون عن الإداريين). إضافة إلى اعتماد سلّم أولوية بين المرضى أيضاً. لكن هذا لا يعني أنّ لبنان سيكتفي بنسبة الـ 20%. وقد نتمكّن من تأمين جرعات إضافية من شركات أخرى”.
ويشرح البزري لـ “أساس” الجملة التي اعتاد الناس على سماعها، وتتردّد في وسائل الإعلام: “ماذا يعني أنّ لبنان سيكون في مقدّمة الدول التي ستحظى باللقاح؟”، فيقول: “لبنان تلقّف المفاوضات في البداية، عندما عُرض عليه اللقاح، ولم يتأخر على الرغم من غياب الحكومة. لذلك، أخذت وزارة الصحة المبادرة، وفاوضت شركة “فايزر” وحدها، لأنّ “فايزر” ليست عضواً في منصة الكوفاكس، وكذلك فاوضت الدولة اللبنانية الكوفاكس”. (الكوفاكس: “التجمع العالمي للقاحات ?كورونا”. ويشترك في قيادتها كلّ من: التحالف العالمي للقاحات والتحصين “GAVI”، ومنظمة الصحة العالمية، وائتلاف الابتكارات والتأهب للوباء CEPI).
وتابع: “لبنان حتّى الآن لم يلتزم مع “فايزر”، بل ملتزم مع “كوفاكس” التي تعد بتأمين عدالة في توزيع اللقاحات بين كلّ الدول، ولقاحا “استرازينيكا” و”موديرنا” من ضمن هذه المنصة. لكن هذا لا يعني أنّ لقاح “فايزر” سيكون أكثر أو أقلّ كلفةً”.
اللقاحات كما بات معروفاً، ستصل على دفعات، وهناك معايير دولية عالمية ستطبّق على السيناريو اللبناني. فليست اعتباطية نسبة الـ20% من السكان التي ستكون محظوظة في الحصول على لقاح في كلّ بلد
نستطيع القول إذاً أنّ لبنان بات مطمئناً إلى مصادر متعدّدة جاهزة لمدّه باللقاح فور جهوزه: لقاح “فايزر” من خلال المفاوضات المباشرة من جهة، وشركة “كوفاكس” التي ستؤمّن له لقاحي “استرازينيكا” و”موديرنا”، وبعض اللقاحات التي ستظهر مع الوقت من شركات أخرى. وعندها، لبنان هو الذي سيختار اللقاح الأنسب بناء على 4 معايير:
1- المعايير الدولية التي سبق وذكرناها.
2- الأسعار: التي تناسب لبنان بشكل أفضل ومراعاة لظروفه الاقتصادية أي (العروض المقدّمة للبنان والتي تختلف بين دولة ودولة).
3- التقنية: كيفية حماية أو حفظ اللقاح، أو توزيعه لأنه مكتشف حديثاً ويتطلّب حفظه شروطاً مختلفة عن المعايير التي نعرفها، وهي أصعب من أيّ لقاح آخر.
4- قبول الرأي العام اللبناني والجسم الطبي لهذه اللقاحات أو أحدها.
إقرأ أيضاً: فراس الأبيض لـ”أساس”: اللقاح واعد.. لكن كورونا سيرافقنا طيلة 2021
وختم البزري كلامه مستغرباً البيان الصادر عن الاتحاد الأوروبي الذي أعلن أنّه قد يُرخّص لقاحي “موديرنا” وفايزر” ضدّ فيروس كورونا قبل نهاية شهر كانون الأول المقبل: “هذه نظرة متفائلة بالنسبة للأميركيين والأوروبيين. لكن أعتقد أنّ لقاح كورونا لن يصل قبل الربع الأول من 2021، ليس فقط إلى لبنان، بل إلى الكثير من الدول الأخرى”.