دنيس روس يتخلّى عن دبلوماسيّته: استئصال “حماس” ضروريّ لتحقيق السلام!

مدة القراءة 5 د


تبنّى الدبلوماسي الأميركي السابق دنيس روس، الذي اضطلع بدورٍ ريادي في رسم معالم الدور الأميركي في مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، الرواية الإسرائيلية لما يحصل في غزّة، واصفاً عملية “طوفان الأقصى” التي نفّذتها حركة حماس بأنّها من أعمال الإرهاب والوحشية ومذبحة بحقّ المئات من المدنيين العزّل، داعياً إلى ضرورة ردّ إسرائيل على هذا العدوان بقطع رأس قيادة “حماس”، وتدمير بنيتها التحتية العسكرية، وقتل عدد كبير من مقاتليها، بل واحتلال غزّة مرّة أخرى، محمّلاً الحركة “مسؤولية مقتل الفلسطينيين والإسرائيليين على حدّ سواء”، مناشداً القادة الغربيين والعرب دعم حملة إسرائيل ضدّ “حماس”، وربط مساعدات إعادة إعمار غزّة بتجريد القطاع من السلاح وتسليم إدارته إلى سلطة انتقالية، السلطة الفلسطينية، تحت مظلّة دولية.
وفقاً لروس الذي أدّى دوراً محورياً في مساعدة الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على التوصّل إلى “اتفاقية أوسلو الثانية” عام 1995 وإلى “اتفاق الخليل” عام 1997، وسهّل معاهدة السلام التي أُبرمت بين الأردن وإسرائيل عام 1994، ودأب على التوفيق بين إسرائيل وسوريا، فإنّ “استئصال حركة حماس نهائياً سيكون مكلفاً لكن ضرورياً لتحقيق السلام”.
روس في مقالة في مجلّة “فورين أفيرز” كتب أنّ حركة حماس بهجماتها على إسرائيل وما استتبعها من هجمة إسرائيلية ساحقة على قطاع غزّة، رفعت مستوى العقاب الذي فرضته على الفلسطينيين مراراً على مدى عقدين من الزمن. في 2005، واصلت هجماتها على إسرائيل على الرغم من قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون بانسحاب الجنود والمستوطنين الإسرائيليين من قطاع غزّة، وضربت نقاط العبور الحيوية بين غزّة وإسرائيل التي كانت مفيدة للفلسطينيين، لا للإسرائيليين. وفي حزيران 2007، أطاحت بالسلطة الفلسطينية و”فتح” واستولت على الحكم في غزّة، وأرغمت إسرائيل على إغلاق منافذ الوصول البرّية والجوّية والبحرية إلى القطاع، وعزّزت سيطرتها عليه ببناء ترسانة أسلحة وبنية تحتية عسكرية وعشرات الأميال من الأنفاق تحت الأرض ليس لتوفير المأوى لشعب غزّة لكن لحماية مقاتليها وأسلحتها. فأولويّتها تدمير إسرائيل لا بناء غزّة.

لم يستبعد روس أن تنجح إسرائيل في استئصال زعامة حركة حماس، وقطع رؤوس قادتها، وتدمير بنيتها التحتية العسكرية

لا مزيد من وقف إطلاق النار
استبعد روس أن تكتفي إسرائيل بردّ عقابيّ تتبعه العودة إلى الوضع الراهن. وكتب: “لقد تحطّمت فرضية أنّ إسرائيل قادرة على التعايش مع “حماس” وإدارة الصراعات الدورية معها. والإسرائيليون من جميع الأطياف السياسية مقتنعون الآن بضرورة تدمير “حماس” وتجريد غزّة من السلاح. ولن تقبل إسرائيل بعد الآن هدنة مع “حماس”، فكلّ اتفاق لوقف إطلاق النار فرصة لحركة حماس لإعادة بناء ترسانتها والاستعداد للجولة التالية”. وأضاف: “حركة حماس ليست شريكاً للسلام. إنّها عامل حرب ودمار. خطة مارشال لغزّة لم تكن ذات مصداقية على الإطلاق، لأنّ كلّ ما يتمّ بناؤه قد يتمّ تدميره حين تقرّر “حماس” إشعال صراع جديد مع الإسرائيليين. وإذا كانت هناك أيّة شكوك في نوايا “حماس”، فإنّ هجوم السابع من تشرين الأول قد قضى عليها إلى الأبد. من خلال ارتكابها مذبحة وحشية بحقّ المدنيين العزّل، أظهرت “حماس” أنّها محكومة بالعنف وحده، ولا تملك أيّ رؤية للمستقبل”.
تابع: “حركة حماس جماعة إرهابية. ليست لديها أجندة إيجابية ولن تنتج عنها دولة فلسطينية، وهي تفرض حياة رهيبة على سكّان غزّة، وتعرّضهم الآن لهجوم إسرائيلي مدمّر”.
لكنّ “حماس” أخطأت في حساباتها بشكل خطير هذه المرّة، أضاف روس. والآن يفكّر قادة إسرائيل في خيارات لم يكونوا مستعدّين للنظر فيها منذ الانسحاب من غزّة في عام 2005. فقد احتجزت “حماس” نحو 130 رهينة إسرائيلية في غزّة، ولن تفكّر إسرائيل في عقد صفقات، ولن تسعى إلى وقف مبكر لإطلاق النار لن يفيد إلا “حماس”. إنّ قطع رأس قيادة “حماس”، وتدمير بنيتها التحتية العسكرية، وقتل عدد كبير من مقاتليها، بل وحتى احتلال غزّة مرّة أخرى، هي أهداف حقيقية وتحقيقها صعب للغاية. ولكنّ تكرار النهج القديم في التعامل مع هجمات “حماس”، أي تطبيق تدابير انتقامية وإبرام اتفاقات لوقف إطلاق النار لن يؤدّيا إلا إلى مزيد من العنف في المستقبل.

استبعد روس أن تكتفي إسرائيل بردّ عقابيّ تتبعه العودة إلى الوضع الراهن

حرب من أجل المستقبل
رأى روس أنّ على إسرائيل السماح بوصول الغذاء والدواء إلى المناطق الآمنة لسكّان غزّة، وأن ليست لديها مصلحة في خلق المزيد من اللاجئين الفلسطينيين أو دفعهم إلى مصر، وأنّ عليها أن تثبت للعالم أنّها تخوض حرباً ضرورية لنزع سلاح “حماس” ولا تسعى إلى معاقبة المدنيين الفلسطينيين. ودعا القادة الغربيين والعرب إلى دعم حملة إسرائيل ضدّ “حماس” وربط المساعدات المقدَّمة لإعادة إعمار غزّة بتجريد القطاع من السلاح.
لم يستبعد روس أن تنجح إسرائيل في “استئصال زعامة حركة حماس، وقطع رؤوس قادتها، وتدمير بنيتها التحتية العسكرية”. وقال: “إذا تمكّنت إسرائيل من ذلك فلن ترغب في البقاء في غزّة، وستتطلّع إلى تسليم إدارة المنطقة إلى سلطة انتقالية تحت مظلّة دولية. وقد لا ترغب السلطة الفلسطينية في أن يبدو الأمر وكأنّها عادت إلى القطاع على ظهر الدبّابات الإسرائيلية، ولكن إذا طلبت منها الأمم المتحدة فقد تفعل ذلك  وبوسع الحكومات العربية توفير الغطاء لها والضغط دولياً للمساعدة في إدارة هذا الانتقال. ففي مرحلة ما ستنتهي هذه الحرب، ويجب بناء مستقبل أفضل للفلسطينيين العاديّين في غزّة، الذين عانوا تحت سيطرة “حماس”. ومن الحكمة أن تخطّط إدارة بايدن وشركاؤها الدوليون لمختلف النتائج المحتملة لكن بشرط ألّا تتمكّن “حماس” من تهديد إسرائيل مرّة أخرى”.

 

لقراءة النص الإصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

فريدمان لترامب: كانت المرة الأولى أكثر سهولة

العالم هو دائماً أكثر تعقيداً مما يبدو خلال الحملات الانتخابية، وهو اليوم أكثر تعقيداً من أي وقت مضى.. وإذا كان قد تمّ تجاوز الكثير من…

برنامج ترامب منذ 2023: الجمهورية الشعبية الأميركية

“سأحطّم الدولة العميقة، وأزيل الديمقراطيين المارقين… وأعيد السلطة إلى الشعب الأميركي“. هو صوت دونالد ترامب الرئيس 47 للولايات المتحدة الأميركية المنتخب يصدح من مقطع فيديو…

20 ك2: أوّل موعد لوقف إطلاق النّار

في حين أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي أنّ إسرائيل تضع خططاً لتوسيع هجومها البرّي في جنوب لبنان، نقلت صحيفة “فايننشيل تايمز” البريطانية عن…

نصائح أوروبيّة وكوريّة… للتّعامل مع ترامب

تستعدّ الحكومات الحليفة والصديقة للولايات المتحدة الأميركية، كما العدوّة والمنافسة لها، لتحوّلات مقلقة وإدارة أكثر تقلّباً في واشنطن في ما يتعلّق بالسياسة الخارجية الأميركية مع…