لم يكن اسم “تيار المستقبل” بين أسماء الأحزاب والهيئات والشخصيات السياسية وقادة الرأي الذين كانوا في عداد اللقاء الذي استضافته دار نقابة الصحافة في 27 تشرين الأول الجاري والذي انتهى إلى “برنامج مرحلي مشترك لإنقاذ لبنان”، أذاعه الدكتور فارس سعيد على الرأي العام. فهل من سبب وراء عدم ورود اسم التيار إلى جانب حزب الكتائب اللبنانية و”لقاء سيدة الجبل” و”حركة المبادرة الوطنية” وحزب الوطنيين الأحرار و”لقاء الجمهورية” و”حركة الاستقلال”وأعضاء من “حركة اليسار الديموقراطي” و”التجمع الوطني اللبناني” وتجمع العشائر العربية وشخصيات؟
إقرأ أيضاً: مؤتمر “المستقبل”: تيار رئاسي.. لا انتخابات ولا مكتب سياسي
قبل الإجابة على هذا السؤال، تجدر الإشارة إلى أنّ الطاولة الرئيسية التي تصدّرت اللقاء الذي جمع حشداً كبيراً من المشاركين، وغصّت بهم النقابة، جلس إليها وجوه بارزة من التيار حالياً وسابقاً، هم النائب والوزير السابق الدكتور أحمد فتفت، والنائب السابق وكذلك نائب رئيس التيار (الرئيس سعد الحريري) لغاية العام 2017 الأستاذ أنطوان أندراوس، فيما كان الوزير السابق الدكتور حسن منيمنة من المشاركين في التحضيرات للقاء، والتي أعدّت مسودته النهائية.
لا مبالغة في القول إنّ هذا الحضور “المستقبلي” في اللقاء، كان الأكثر تميّزاً .كما كان هذا الحضور من خلال الكلمة التي تلاها الدكتور فتفت من أبرز المداخلات التي لاقت تأييداً وتصفيقاً حاراً، لما تضمّنته من أفكار، وخصوصاً عندما قال: “إنّ أيّ قانون انتخاب، وأيّ تمثيل ديموقراطي في ظلّ السلاح غير الشرعي وهم”.
قارن أندراوس ما بين تجربة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ظلّ الوصاية السورية وتمكنه من إعادة اعمار لبنان على الرغم من الفساد في تلك المرحلة، والوقت الحالي الذي حلّت فيه الوصاية الإيرانية ممثّلة بـ “حزب الله” بصفته طرفاً داخلياً ممثّلاً للوصاية الجديدة
بالعودة إلى السؤال الذي تصدّر هذا المقال حول عدم ذكر اسم “تيار المستقبل” في عداد المشاركين، يوضح الأستاذ أندراوس لـ “أساس” أنّ الدكتور فتفت تولّى التحضير لمشاركة التيار في اللقاء مع الدكتور مصطفى علوش. وكان الجواب بداية، قبل تكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة في 22 الجاري “إيجابياً”. لكن هذا الموقف تبدّل بعد التكليف بذريعة أنّ مشاركة التيار “ستتسبّب باصطفافات”.
وعن انطباعه حول ما انتهى اليه اللقاء، قال اندراوس إنه كان “ناجحاً، ولم تمنع المخاوف من جائحة كورونا من حصول هذا اللقاء الحاشد”. وأبدى أسفه من أنّ “القوات اللبنانية” لم ترسل إلى اللقاء من يمثّلها، لذلك تليت كلمتها بالنيابة. وأبدى مخالفته لتمسك “القوات” بإجراء انتخابات نيابية مبكرة وفق القانون الحالي “ما سيؤدي إلى بقاء الأكثرية في المجلس الحالي على حالها، حتى ولو استطاعت القوات الفوز بمقاعد اضافية على حساب التيار الوطني الحرّ، وذلك في ظلّ الوصاية التي يفرضها حزب الله بالسلاح، ما يعني أنّ الجهات السيادية لن تتمكّن من الإمساك بزمام الأمر في المجلس الجديد، وهو ما اتفقت مع الدكتور فتفت على التركيز عليه كما فعل”. ونوّه أندراوس أيضاً بكلمة ممثّل رجال الأعمال السيد فؤاد رحمة الذي قال إنّه “لا إصلاح اقتصادياً في ظلّ حزب الله، والذي بسبب سلاحه سيذهب لبنان إلى الإفلاس”.
وقارن أندراوس ما بين تجربة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في ظلّ الوصاية السورية وتمكنه من إعادة اعمار لبنان على الرغم من الفساد في تلك المرحلة، والوقت الحالي الذي حلّت فيه الوصاية الإيرانية ممثّلة بـ “حزب الله” بصفته طرفاً داخلياً ممثّلاً للوصاية الجديدة بدلا من الجيش السوري الذي كان حاضرا مباشرة لفرض وصاية دمشق علما ان الحزب كان سابقاً “جندياً في الجيش السوري، وصار اليوم جندياً في جيش وليّ الفقيه” على حدّ تعبير الأمين العام للحزب.
هل هي “حركة تصحيحية” قادتها شخصيات مرموقة في “تيار المستقبل” حالياً وسابقاً من خلال الانخراط في هذا الجهد السياسي الجديد لمواجهة الوصاية الإيرانية، فيما مصلحة زعيم التيار الآن في مكان آخر؟
من المعلوم أنّ الرئيس الحريري كان قبل انفجار الرابع من آب عازماً على إجراء تغيير جذري في “تيار المستقبل”، لكنه صرف النظر عن ذلك. وهو صرف النظر عن مشاركة التيار في لقاء نقابة الصحافة الذي انتهى إلى وثيقة، جاء فيها:
“إنّ عروبة لبنان وانتماءه إلى محيطه العربي يؤمنان له ضمانة الدخول في نظام المصلحة العربية الذي ترتسم معالمه في العقود الأولى من هذا القرن.
– خطورة الانقلاب على اتفاق الطائف والدستور وقرارات الشرعية الدولية من قبل اتجاهين أساسيين داخليين:
– حزب الله الذي يحاول تعديل الطائف لصالحه.
– التيار الوطني الحر الذي بنى أساسا شرعيته على رفض الطائف.
“إنّ الخروج من الدستور في لحظة يمتلك فريق من اللبنانيين السلاح غير الشرعي، بإمرة ايرانية، سيؤدي إلى إعادة النظر بالنظام والدستور على قاعدة موازين القوى، وهذا ما يرفضه المجتمعون، إذ إنّ لبنان لا يُحكم على قاعدة موازين قوى تتبدّل بين يوم وآخر ومن طرف إلى آخر، إنما يحكم لبنان بقوة التوازن.
“يطالب المجتمعون بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية لا سيما القرارات 1559 و1680و1701، والتي تأخذ من اتفاق الطائف المستند القانوني لها، بمعنى أنّ التمسك باتفاق الطائف يعني التمسك بقرارات الشرعية الدولية – كما الانسحاب من اتفاق الطائف يعني الانسحاب من قرارات الشرعية الدولية”.
هل هي “حركة تصحيحية” قادتها شخصيات مرموقة في “تيار المستقبل” حالياً وسابقاً من خلال الانخراط في هذا الجهد السياسي الجديد لمواجهة الوصاية الإيرانية، فيما مصلحة زعيم التيار الآن في مكان آخر؟
لعله من الأفضل القول إنّ هذه الشخصيات تصحّح مساراً، ولا تنشئ حركة تعيدنا إلى أزمنة الانقلابات البائدة.
* النص الحرفي للبرنامج المرحلي المشترك لإنقاذ لبنان والذي أُطلق يوم الثلاثاء بتاريخ 27 تشرين الأول 2020 في نقابة الصحافة في هذا الرابط