رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي هو مثلنا جميعاً نحن اللبنانيين عاجز عن كل شيء وليس أمامه سوى انتظار ما سيقرره غيرنا لنا.
الفرق الوحيد بيننا وبين الرئيس ميقاتي أننا عاجزون لكننا غير مطالبين بشيء لأننا لسنا بموقع المسؤولية ولا نعمل بالحقل العام من خلال زعامة مناطقية أو موقع حزبي. أما هو فعاجز مثلنا لكنه مطالب بكل شيء لأنه يجلس على رأس حكومة لتصريف الأعمال. هو مطالب بتأمين الدواء والغذاء والوقود والكهرباء على قاعدة “وينيي الدولة”. الناس ليس أمامها سوى نجيب ميقاتي.
المسلمون يطالبون نجيب ميقاتي بمساندة الشعب الفلسطيني في غزّة والضفة فيما الرجل ليس بيده إعلان الحرب على إسرائيل ولا حتى على أصغر تنظيم ليس في مخيم عين الحلوة الكبير بحجمه بل في مخيم المية ومية الذي يحتاج الإنسان لقطعه سيراً على الاقدام إلى بضع دقائق.
يطالبه المسلمون سُنّة وشيعة ودروزاً على الأقلّ بأن يلوّح بيده على وجه السفيرة الأميركية وكل سفراء الاتحاد الأوروبي لموقفهم المنحاز دون مبرر للعدوان الإسرائيلي حيث يسمعون بكاء طفل إسرائيلي استيقظ مفجوعاً من نومه في مستوطنة ما ولا يسمعون بكاء آلاف الأطفال الفلسطينيين في مستشفيات غزة التي باتت تشبه كل شيء إلا المستشفيات وهم يصرخون مطلقين سكرات الموت.
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي هو مثلنا جميعاً نحن اللبنانيين عاجز عن كل شيء وليس أمامه سوى انتظار ما سيقرره غيرنا لنا
المسيحيون في لبنان يطالبون نجيب ميقاتي بالسلم وبحل أزمة النزوح السوري قبل أشهر والنزوح اللبناني الداخلي هذه الأيام على قاعدة “هذه مناطقنا لن يدخل إليها أحد”. يطالبونه بفعل كل شيء بالحياد تارة الايجابي وتارة أخرى السلبي وبمنع المسلمين من الهرب إلى مناطقهم والإهتمام بسقوط المبنى في المتن وليس بسقوط المباني في غزّة. يطالبونه بكل شيء ويمنعون عنه كل شيء. هم يرفضون أن تعقد الحكومة جلسات غب الطلب بغياب رئيس للجمهورية ويرفضون أن تعمد الحكومة إلى التشريع وملء الشغور في الوظائف الكبرى وحتى منع الشغور في المؤسسات العسكرية والامنية.
الرئيس نجيب ميقاتي مُطالَبٌ بكلّ هذا بسبب ما جنته يداه من اندفاعته تجاه موقع رئاسة الحكومة على الرغم من كل النصائح والمطالعات التي كان يسمعها قبل تكليفه وكان يهز لها رأسه موحياً بالموافقة عليها وتأييد ما فيها.
بعيداً عن الشعوبية والتجييش السياسي توجد حقيقة علينا جميعاً كلبنانيين الاعتراف بها ولا لبس فيها وهي أنّ قرار الحرب والسلم في لبنان بيد الحزب وأمينه العام حسن نصر الله أعجبنا ذلك أم لم يعجبنا، كلنا دسنا على هذا الدستور وفقاً لرغباتنا وأهوائنا واحتياجاتنا الطائفية. وميقاتي واحد منّا.
الدستور عند اللبنانيين يشبه لائحة الطعام في أحد المطاعم تختار منها ما تشاء وما ترغب وما تستلذ بتناوله.
الرئيس نجيب ميقاتي “شاهد ما شافش حاجة” باللكنة المصرية تيمناً بإهمالنا واستثنائنا بعدم دعوتنا إلى مؤتمر القاهرة للسلام وكأننا لسنا من دول الطوق أو ليست تلالنا الحدودية تشهد على مسلسل المناوشات مع العدو الإسرائيلي، مسلسل يحمل عنوان “قواعد الاشتباك”.
إقرأ أيضاً: “الختيار” عاد شاباً في غزّة بعد 50 عاماً
ما علينا أن نقر به كلبنانيين بكل ميولنا وأهوائنا كمؤيدين للثورة الفلسطينية أو معارضين لها أو مخالفين لها بأننا لسنا بدولة وأن المسؤولين لدينا غير مسؤولين، وإننا جميعاً في لبنان نقع تحت سلطة الحزب وأمينه العام. هو من يمتلك السلاح وقراره. هو الذي يسمح لقوات الفجر أن تطلق الصواريخ ويمنعها في أوقات سابقة أن تفعل ما تريد.
في لبنان غبيّ من يتمسك بلقبه الرسمي، سواء كان وزيراً أو نائباً أو قائداً، وكم هي مضحكة هذه الصفة عندما لا يمتلك ذاك الوزير أو النائب أو القائد قراره بأن يفعل ما يريد. وميقاتي من هؤلاء الذين أصيبوا بهذا الدور، أو بـ”اللادور”.
لمتابعة الكاتب على تويتر: ziaditani23@