جنود الأسد يتسوّلون بالزي الرسمي

مدة القراءة 3 د


الصورة أعلاه التُقطت لأحد الجنود في جيش الأسد وهو يقوم ببيع الخبز علانيةً في الطرقات، وبالزيّ العسكري الكامل.

لقد وصل الحال بهذا الجندي، الذي قاتل وقَتَل طوال السنوات الفائتة، إلى أن يستخدم زيَّه العسكري كوسيلةٍ للتسوُّل، تماماً كما يستخدم بعض المتسوّلين حالاتهم الخاصة، من إعاقاتٍ جسديةٍ كالشلل والعمى، لكسب عطف المارَّة.

إقرأ أيضاً: سوريا: الحرب “الثرية” والسلْم المفلس

الزيّ العسكري في سوريا، والذي يُفترَض أن تكون وظيفتُه بعثَ الفخار في نفوس الشعب، بات باعثاً للشفقة في نفس كلّ من يراه.

الرغيف وحبَّة البطاطا الصغيرة، التي هي مخصَّصات الجندي الواحد في اليوم الواحد في أغلب الوحدات العسكرية -باستثناء تلك الوحدات المدعومة بشكل خاص كـ”الفرقة الرابعة” و”قوَّات النمر”- مع راتب شهري لا يتجاوز 16 دولاراً تنقص قيمته يومياً مع كلّ تدهور يصيب العملة الوطنية، وإصابات قديمة يضطر عشرات آلاف الجنود للتعايش معها… ذلك كلّه رسمَ الصورة الأكثر بؤساً وقتامةً لما يمكن أن يكون عليه حال الجندي في “جيش نظامي”.

الجنود الجوعى الذين يجدون في جُعَبِهم رصاصاً يطلقونه، ولا يجدون طعاماً يأكلونه، لم يعد أمامهم سوى التسوُّل المقنَّع ببعض الحاجيات الرخيصة والبسيطة. وأحياناً كثيرة يكون هذا التسوُّل معلناً وصريحاً، كما في هذا الفيديو المرفق هنا لأحد الجنود وهو يطلب من المارَّة، ويرجوهم، إعطاءَه إيجار الطريق ليصل إلى قريته.

أن يكون الزيّ العسكري في بلدٍ ما أداةً للتسوُّل ولاستعطاف الناس، فهذا يُخبر الشيء الكثير ليس عن حال الجيش والبلد فحسب، بل عن حال الحاكم الذي يريد الاستمرار في الجلوس على كرسيّه المخلَّعة، بعد -وعلى الرغم من- كلّ شيء قد حدث.

الجنود الجوعى الذين يجدون في جُعَبِهم رصاصاً يطلقونه، ولا يجدون طعاماً يأكلونه، لم يعد أمامهم سوى التسوُّل المقنَّع ببعض الحاجيات الرخيصة والبسيطة

الجيش جائع، والجنود يتضوَّرون جوعاً، وأنينهم بات مسموعاً بقوَّة على صفحات التواصل الاجتماعي، بعدما راحوا يُعبّرون علناً ودونما خوف عن مأساتهم المستفحلة، من على صفحاتهم الشخصية، أو عبر رسائل صادمة يرسلونها للنشر في الصفحات العامَّة.

إنه جيش الجوعى الذي يريد له بشار الأسد أن يرفع راية النصر باليد المشغولة بحمل بضعة أرغفة. إنه جيش الجوعى الذي أُريد له فَرْد إصبعيه في الهواء لرسم إشارة النصر، فإذا به يفرد أصابعه الخمس للتسوُّل في الطرقات!

 

مواضيع ذات صلة

مع وليد جنبلاط في يوم الحرّيّة

عند كلّ مفترق من ذاكرتنا الوطنية العميقة يقف وليد جنبلاط. نذكره كما العاصفة التي هبّت في قريطم، وهو الشجاع المقدام الذي حمل بين يديه دم…

طفل سورية الخارج من الكهف

“هذي البلاد شقّة مفروشة يملكها شخص يسمّى عنترة  يسكر طوال الليل عند بابها ويجمع الإيجار من سكّانها ويطلب الزواج من نسوانها ويطلق النار على الأشجار…

سوريا: أحمد الشّرع.. أو الفوضى؟

قبل 36 عاماً قال الموفد الأميركي ريتشارد مورفي للقادة المسيحيين: “مخايل الضاهر أو الفوضى”؟ أي إمّا القبول بمخايل الضاهر رئيساً للجمهورية وإمّا الغرق في الفوضى،…

السّوداني يراسل إيران عبر السعودية

 لم يتأخّر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ومعه قادة القوى السياسية في قراءة الرسائل المترتّبة على المتغيّرات التي حصلت على الساحة السورية وهروب رئيس…