قد يكون من الواجب علينا نحن اللبنانيون بكل طوائفنا وأحزابنا وتياراتنا، أن نشكر جائحة كورونا، أقلّه أنّها منحتنا بعض الوقت للتفكير بهدوء لتدبر أمورنا عندما دفعت المحكمة الخاصة بلبنان إلى تأجيل نطق حكمها “لعشرة أيام” بقضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.
إقرأ أيضاً: أعيدوا لنا رفيق الحريري واحتفظوا بالقاتل
إن أراد البعض أن يعترف أو أن ينكر، فإن ملفّ المحكمة الدولية ما زال مأزقاً لحزب الله وللبنان طالما أنّ الحزب نجح في ربط مصير لبنان واللبنانيين بمصيره سياسياً واقتصادياً وأمنياً. وبالتالي فإننا كُلنا مطالبون وفي مقدمتنا حزب الله الذي بات ومن دون مواربة يحاول اختصارنا كلبنانيين مواطنين في دولة يمسك بكل مفاصلها، أن نفكر كيف نخرج من هذا المأزق.
بداية، من المؤكد أنّ تأجيل النطق بالحكم بسبب كورونا وإجراءاتها ومن ثمّ بسبب فاجعة متفجرة المرفأ، لم يلغِ صدور الحكم الذي بات شبه محسوم، لجهة إدانة المتهمين عياش ورفاقه من بقي منهم حياً أو من مات في السنوات الفائتة اغتيالاً أو في سياقات المغامرات العسكرية المتنقلة خارجياً لحزب الله. ومن الواضح أن المحكمة الدولية سوف تصدر أحكامها بحق المتهمين أي أنّ عدم تناول الاتهام، لحزب الله كتنظيم محسوم، كما هو محسوم أمر الإدانة للإشخاص الذين وجه لهم الاتهام وما بين المحسومين، فإنّ المتوقع وبعد قرار الادانة أن تطلب المحكمة من الحكومة اللبنانية توقيف المتهمين، وهو طلب دون أدنى شك لن تملك الحكومة اللبنانية أي حكومة لبنانية لا القدرة ولا الرغبة بالتنفيذ…
لقد أريد من اغتيال رفيق الحريري إغتيال اتفاق الطائف أي اغتيال فكرة قيام الدولة القوية العادلة أي إنهاء الميليشيات وكل سلاح خارج مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية
هذه الوقائع، تؤكد مأزق المحكمة الدولية بالنسبة لنا كلبنانيين ومعنا حزب الله، حيث لا أحد منّا أكان يملك سلاحاً أم كان السلاح مصوّباً على رأسه بقادر على إلغاء حكم الاتهام ومفاعيله داخل المجتمع اللبناني على صعيد العلاقات بين الطوائف والمكونات السياسية أو على صعيد التاريخ ومحكمته.
البحث عن الخروج من هذا المأزق لا يكون إلا عبر إحداث فعل كبير وإن لم يكن بحجم وكبر فعل الاغتيال.
لا خروج لحزب الله من مأزق المحكمة الدولية دون ثمن واضح، الحزب مخير في دفع هذا الثمن للمجتمع الدولي الذي يضم في صفوفه أيضاً أعداء وخصوم الحزب وراعيه الايراني. أو أن يدفع الثمن للمجتمع اللبناني ولوجود الدولة اللبنانية التي تضم الحزب وأهله وناسه أيضاً.
لقد أريد من اغتيال رفيق الحريري إغتيال اتفاق الطائف أي اغتيال فكرة قيام الدولة القوية العادلة أي إنهاء الميليشيات وكل سلاح خارج مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية.
لا خروج لحزب الله من مأزق المحكمة الدولية دون ثمن واضح
رفيق الحريري شهيد الطائف الذي تمّ اغتياله في الطريق المؤيدة إلى الاستراتيجية الدفاعية. وهو اغتيال يأتي في السياق نفسه، التي جاءت شرارة حرب تموز 2006 منهية مفاعيل طاولة الحوار، المنعقدة للوصول إلى الاستراتيجية الدفاعية. إن رفيق الحريري قادر بشهادته وبقرار منّا جميعاً (نحن والحزب). أن نحوّل هذه الشهادة من حكم محكمة هو المأزق الكبير للجميع إلى خشبة خلاص للبنان كل لبنان، عبر تأكيد المؤكد أي دستور الطائف بعيداً عن الأعراف الصبيانية تارة، والمريضة بطائفيتها تارة أخرى. وامتلاك الشجاعة في تطبيق جوهر هذا الاتفاق بالوصول إلى اقرار الاستراتيجية الدفاعية ليس حماية للبنان وحسب بل حماية لحزب الله وأهله وناسه.
هذه وجهة نظر لا تلزم أحداً. لكنها جديرة بالتفكير والتكفير أيضاً.