المبادرة الفرنسية، هي الحديث القائم في لبنان، ويتمسّك بها أكثر الموجودين في الطبقة الحاكمة بحجة أنّ تطبيق بنودها سيعود على لبنان بمساعدات دولية من ضمن التي أُقرّت في مؤتمر “سيدر 1″، إلّا أنّ الذين يأملون وصول مساعدات من “سيدر” يعلمون علم اليقين أنّ جُلّ ما يمكن للبنان الحصول عليه بإطار المبادرة الفرنسية لا يتخطّى 3 مليارات دولار من أصل 11 مليار و800 مليون، وهو مبلغ لا يكفي لشهرين من دعم السّلع الأساسية والمحروقات والدّواء بأحسن الأحوال.
إقرأ أيضاً: بونفيلد لـ”أساس”: خطوة مهمّة تؤدي في النهاية إلى تهيئة أجواء إيجابية بين لبنان وإسرائيل…
المراقبون يؤكّدون أنّ الثقل الأكبر في الأموال التي مُنِحَت كقروض ميسّرة أو هبات مشروطة للبنان في المؤتمر الذي عُقِدَ عام 2018 هو من الولايات المتحدة بشكل غير مباشر والدّول العربية. فرنسا صاحبة المبادرة قدّمت 550 مليون يورو للبنان في هذا المؤتمر، بينما خطّ الائتمان الممنوح من المملكة العربية السّعودية وحدها هو مليار دولار أميركي، و4 مليارات من البنك الدّولي و680 مليون دولار من الكويت وهكذا دواليك…
يؤكّد مصدر أميركي جدّي وخاص لـ”أساس” أنّ الحصّة الأكبر من سيدر أو حتى من صندوق النقد الدولي لن تُمنَح للبنان إلا بتنفيذ باكورة شروط أميركية باتت تُعرَف بـ”النقاط الـ 7″ أو بـ”المبادرة الأميركية”. وهذه النّقاط أو الشّروط تمّ إخطار المعنيين بها في لبنان والخارج، وخلاصتها أنّ تقديم أيّ مساعدات جديّة للبنان سيكون مرهونًا بنتفيذ الشّروط الأميركي.
في مقابل هذه الشّروط، وفي حال تنفيذها، تمّ إخطار المعنيين بأنّ الولايات المتحدة ستدعم بشكل مباشر أيّ حكومة لبنانية تنفّذ هذه الشّروط، بالإضافة إلى تسهيل التزامات “سيدر” وتسهيل ملفّ لبنان مع صندوق النّقد الدّولي
يشير المصدر نفسه إلى أنّ الولايات المتحدة هي المساهم الأكبر في صندوق النّقد الدّولي وكذلك البنك الدولي، وأنّ أصدقاءها من الدّول العربية، خصوصًا دول مجلس التعاون الخليجي، عبّروا أكثر من مرّة عن انزعاجهم مما آل إليه لبنان من ابتعادٍ عن محيطه العربي. ولعلّ كلام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هو خير دليل على الانزعاج من رهن لبنان لإيران…
المصدر قال لـ”أساس” إنّ “النّقاط الـ 7” المطلوب من لبنان العمل على تنفيذها تشترك في الكثير من النّقاط مع “روحيّة” المبادرة الفرنسية، إلا أنّ واشنطن كانت أصرح وأدقّ بتعريف الشّروط من باريس. ولخّص المصدر النّقاط السبعة الأميركية كالآتي:
1- تشكيل حكومة لا يتخطَّى عدد أعضائها الـ18 وزيرًا من المختصّين المستقلّين.
2- محاربة الفساد المستشري في الدّولة اللبنانية بالشّراكة بين الأجهزة الأمنية اللبنانية والمؤسسة القضائية وإجراء محاسبة جديّة وغير صورية، وذلك عبر إنشاء جهاز خاص لمكافحة الفساد يشترك فيه القضاء مع القوى الأمنية.
3- إقرار قانون انتخابي جديد عصريّ يُلبّي طموحات الشّعب اللبناني ويزيد من الثقة الدّولية بلبنان.
4- إجراء انتخابات نيابية مبكرة على أساس القانون الجديد خلال فترة 9 أشهر.
5- إنجاز ترسيم الحدود الجنوبية للبنان وخصوصًا البحرية دون أيّ مواربة.
6- تعزيز تطبيق القانون وسلطة الدّولة على كامل الأراضي اللبنانية وخصوصًا تلك التي يهيمن عليها “حزب الله” وعلى وجه التحديد جنوب الليطاني، الضاحية الجنوبية والبقاع الشّمالي) ويدخل ضمن ذلك تعزيز دور الدّولة في المطار والمرفأ والحدود اللبنانية مع سوريا ووقف التهريب بجميع أشكاله.
7- إلغاء القوانين اللبنانية التي يعتبرها المجتمع الدولي مناقضة للأعراف الدّولية وتحديدًا تلك التي تُجرّم المثلية الجنسية.
في مقابل هذه الشّروط، وفي حال تنفيذها، تمّ إخطار المعنيين بأنّ الولايات المتحدة ستدعم بشكل مباشر أيّ حكومة لبنانية تنفّذ هذه الشّروط، بالإضافة إلى تسهيل التزامات “سيدر” وتسهيل ملفّ لبنان مع صندوق النّقد الدّولي، بالإضافة إلى تأمين مساعدات قيمتها بين 5 و7 مليارات دولار أميركي، تتركّز على دعم القوات المسلحة اللبنانية الرّسمية من الجيش وقوى الأمن الداخلي، بالإضافة إلى اعتبار من يترأس الحكومة التي تقوم بهذه الإجراءات كحليف للولايات المتحدة كما هو الحال مع رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.