العراق ساحة لتبادل الأسرى بين طهران وتل أبيب؟

مدة القراءة 4 د


تتواصل “حرب الظلال” بين إيران وإسرائيل، من تخوم مزارع شبعا في جنوب لبنان، إلى سوريا، وحتى في قلب إيران والدّاخل الإسرائيلي.
هذه الحرب التي شهدت فصولاً عديدة، أبرزها سرقة الأرشيف النووي الإيراني من قبل الموساد الإسرائيلي، واغتيال العالم محسن فخري زاده في قلب طهران وضباط من الحرس الثوري في إيران وسوريا ومحاولات إيران استهداف مصالح إسرائيلية في تركيا وقبرص وأذربيجان وغيرها. كل ذلك حدث في السنوات الثلاث الماضية.
آخر فصول تبادل اللكمات الإيرانيّة – الإسرائيليّة كان في العراق. إذ كشف مكتب رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو عن خطفِ باحثةٍ تحمل الجنسيّتيْن الإسرائيليّة والرّوسيّة في العِراق قبل 4 أشهر.
قبل أن يكشفَ نتانياهو عن الخطف، كانت الاستخبارات الأميركيّة والرّوسيّة تعمل على مدى الأيّام الـ120 الماضية لتحرير الباحثة إليزابيث تسوركوف، لكن من دون جدوى.

يشير مصدرٌ إقليميّ واسع الاطّلاع لـ”أساس” إلى أنّ الحكومة العراقيّة تعمل بصمتٍ شديدٍ في ملفّ الباحثة المخطوفة

بعد وصول الجهود الأميركيّة والرّوسيّة إلى حائطٍ مسدود، قرّرَ نتانياهو كشفَ عمليّة الخطف في بيانٍ اتّهم فيه كتائب “حزب الله العراقي” بخطف تسوركوف. فردّت الكتائب العراقية ببيان جاء فيه أنّ “اعتراف رئيس وزراء الكيان الصهيوني بوجود عنصر أمنيّ إسرائيليّ في العراق هو مؤشّر خطير للغاية، ينبغي الوقوف عنده والتعامل معه بدقّة وحزم”. ومن دون أن يذكر اسم إليزابيث تسوركوف، تابع البيان: “بدورنا في كتائب حزب الله سنبذل جهداً مضاعفاً للوقوف على مصير الأسير أو الأسرى الصهاينة في العراق، خدمة للمصلحة العامّة ولمعرفة المزيد عن نوايا تلك العصابة الإجرامية ومن يقوم بتسهيل تحرّكاتها في بلد يحظر ويجرّم التعامل معها”.

ماذا في كواليسِ الخطف؟
يشير مصدرٌ إقليميّ واسع الاطّلاع لـ”أساس” إلى أنّ الحكومة العراقيّة تعمل بصمتٍ شديدٍ في ملفّ الباحثة المخطوفة، ملمّحاً إلى فعلٍ إسرائيليٍّ قد يكون هو الدّافع الأساس إلى إقدام فصائل مدعومة من الحرس الثّوريّ الإيرانيّ على اختطاف تسوركوف.
قبل شهرٍ من اليَوم، كشفَ الموساد الإسرائيليّ أنّه أحبَطَ ما سمّاه مُخطّطاً يرمي إلى استهداف رجال أعمال إسرائيليين في قبرص، وأنّه خطفَ واستجوَبَ إيرانيّاً يُدعى يُوسف شهبازي عبّاس عليلو من قلب العاصمة الإيرانيّة طهران، زاعماً أنّ عليلو هو رئيس الخليّة الإيرانيّة – الباكستانيّة التي كانت تنوي اغتيال رجال أعمال وتفجير مركزٍ إسرائيليّ في ليماسول.
يُرجّح المصدر أن يكونَ خطف تسوركوف مُرتبطاً بصفقةٍ تسعى إليها إيران لتحرير عليلو وأفرادٍ آخرين يعملون مع الحرس الثّوريّ اعتقلَتهم إسرائيل خلال الأشهر الماضية في إطار حربها الاستخباريّة المُستمرّة مع إيران.
العِراق هو إحدى السّاحات التي ينشطُ الموساد الإسرائيليّ فيها، وخصوصاً في عاصمة إقليم كردستان العراق، إربيل، بحسب ما قال مسؤولون إيرانيّون غير مرّة.

يكشف المصدر لـ”أساس” أنّ زيارة تسوركوف للعراق ليسَت الأولى من نوعها، إذ اعتادت زيارة بلادَ الرّافديْن منذ 2019

بحسب معلومات “أساس” تنشطُ موسكو في الوساطة بين طهران وتل أبيب، خصوصاً أنّ تسوركوف تحمل الجنسيّة الرّوسيّة ولديها الإقامة الدّائمة في الولايات المُتّحدة، حيث تُتابع رسالة الدّكتوراه في جامعة برينستون.
كانت رسالة الدّكتوراه “الدّافع” وراء زيارتها العراق، الذي دخلته بجواز سفرها الرّوسيّ، لتُجري دراسات ميدانيّة في منطقة الكرّادة في العاصمة بغداد، حيثُ فُقِدَ الاتصال بها في شهر آذار الماضي بعد زيارتها مقهى اعتادت التّردّد إليه أثناء إقامتها.

تحذيرات سابقة
يكشف المصدر لـ”أساس” أنّ زيارة تسوركوف للعراق ليسَت الأولى من نوعها، إذ اعتادت زيارة بلادَ الرّافديْن منذ 2019، وكان جهاز الاستخبارات العراقيّ قد حذّر نظيرَيْه الأميركيّ والرّوسيّ مرّتيْن في 2021 و2022 من أنّ تردّد تسوركوف إلى بغداد تحيطُ به مخاطر عدّة وأنّه ينبغي وقف زياراتها.
جاءَت التحذيرات بعد تركيز الباحثة الإسرائيليّة – الرّوسيّة “أبحاثها” على المناطق ذات الغالبيّة الشّيعيّة في بغداد، وكذلك على الفصائل المدعومة من فيلق القُدس الإيرانيّ ونشاط التّيّار الصّدريّ، وذلك في إطار عملها باحثةً في منتدى التفكير الإقليمي، وهو مؤسّسة إسرائيلية – فلسطينية مقرّها القدس المحتلّة.

إقرأ أيضاً: “فاغنر” السوريّة باقية: النفط “أصدقُ إنباءً”

لا يُنكر المصدر أن تكونَ إيران ضالعة بشكلٍ مباشر في اختطاف تسوركوف، لكنّه في الوقتِ عينه يقول إنّ استخبارات الحرس الثّوريّ “أذكى من أن تكونَ بصماتها ظاهرة بشكلٍ واضحٍ، خصوصاً في مسألة كهذه، وهذا ما يُرجِّح أن تستخدم طهران أدوات عراقيّة في الخطف ورُبّما في التّفاوض أيضاً”.

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: IbrahimRihan2@

مواضيع ذات صلة

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…

مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022،…

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…