في مقابلة إعلامية نادرة مع هيثم مصطفى الشهير بـ”الشعبي”، الذي يوصف بـ”أمير” تنظيم الشباب المسلم، وريث تنظيم جند الشام في مخيّم عين الحلوة، اعترف بأنّه آوى في منطقته بالمخيّم كلّاً من شادي المولوي وجماعته المطلوبين من القضاء اللبناني بتهمة الاعتداء على الجيش اللبناني في الشمال.
أشار “الشعبي” إلى خروج المولوي وكثر غيره مثل بلال بدر من عين الحلوة إلى إدلب بعد السماح لهم بذلك، وخروجه هو نفسه من المخيّم وانتقاله إلى سوريا للقتال ضدّ الحزب لمدّة شهرين تقريباً.
من الذي سمح لهم بالخروج وسهّل لهم عبور الطوق الأمنيّ المحكم حول المخيم، ثمّ اجتياز الحدود مع سوريا؟ ومن سهّل لهم طريق العودة إلى حيث هم الآن؟
هؤلاء العائدون من أرض الجهاد، و”الشعبي” من بينهم، لم يكن أمامهم سوى طريقين:
– إمّا التعفّن في السجون اللبنانية بين محاكمات قضائية لا تنتهي.
– أو التعاون مع الأجهزة الاستخبارية والحزب والتمتّع بحرّيّة مشروطة.
على الرغم من أنّ المجاهدين قاتلوا ضدّ الحزب، ويُعتبرون خصومه من الناحية الأيديولوجية، إلا أنّه عمل على إعادة استخدامهم، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بهدف استغلال الترهّل الذي أصاب حركة فتح من أجل تحقيق هدف وحدة الساحات. ويستوي ذلك مع ما فعله نظام الملالي الإيراني الذي احتضن قيادات تنظيم “القاعدة” ومقاتليه المطارَدين من الأميركيين.
ما يسهّل تحويلهم إلى ورقة للاستخدام العسكري والسياسي هو أنّه ليس لديهم نشاط سياسي، إنّما يقتصر نشاطهم على ما يعتبرونه جهاداً أو دفاعاً عن النفس. وبالتالي هم مقاتلون بندقيّتهم “للإيجار”، مقابل الحماية والمال وحرّيّة التنقّل…
فهل يمثّل هؤلاء الإسلاميون تيّار الإسلام السياسي؟
“حماس” وهيئة علماء المسلمين: يكفّروننا
تعتبر “هيئة علماء المسلمين” في لبنان، التي شاركت في أعمال الوساطة خلال الأحداث الأخيرة في عين الحلوة، أنّ الأحداث الجارية داخل المخيّم “محرّمة شرعاً”، و”مُدانة أخلاقياً وإنسانياً وسياسياً”. وتبيّن مصادر الهيئة في حديث لـ”أساس” أنّ “إسلاميّي عين الحلوة لا يمثّلون الإسلام السياسي بل هم على تباين معه”.
تقول مصادر “حماس” لـ”أساس” إنّ التنظيمات الإسلامية التي تقاتل “فتح” ليست قوّة منظّمة، بل تكتّل من حالات فردية صدرت بحقّها مذكّرات توقيف، وتجمع حولها بعض الشباب
بالنسبة إلى “الهيئة” فإنّ هؤلاء “تنظيمات ظرفية تضمّ مجموعات منشقّة عن قوى إسلامية مسلّحة ومدرّبة تدريباً عالياً وذات عقيدة قتالية صلبة، ولا تمارس العمل السياسي”. لكنّها في المقابل تصف ما تقوم به حركة فتح بـ”التهوّر”، وتعتبره “غير لائق بها لأنّها تمثّل الشرعية الفلسطينية”. ويكمن الحلّ في “وقف غير مشروط لإطلاق النار من أجل ضمان ديمومته وإفساح المجال أمام تحقيق العدالة”.
في حين تعتبر حركة حماس أنّ “هناك جهات استخبارية خارجية تعبث بأمن المخيّمات لتحقيق أهداف كبرى مثل شطب حقّ العودة، ونزع السلاح الفلسطيني، والتخلّص من المخيّمات مثلما حصل في تل الزعتر والنبطية”.
تقول مصادر “حماس” لـ”أساس” إنّ “التنظيمات الإسلامية التي تقاتل “فتح” ليست قوّة منظّمة، بل تكتّل من حالات فردية صدرت بحقّها مذكّرات توقيف، وتجمع حولها بعض الشباب”. وتشير هذه المصادر إلى أنّ “حماس” نسّقت في السابق مع المدير العامّ السابق للأمن العامّ اللواء عباس إبراهيم “لفكفكة هذه الحالات، وقد نجحت في العديد منها”.
تؤكّد المصادر أن “لا علاقة لـ”حماس” بهؤلاء”. وتضيف: “هم يكفّروننا أساساً، ونحن نتعامل معهم من خلال وسطاء، وكلّ همّنا حقن الدماء، وهذا ما تمكّنّا من تحقيقه بفضل الاجتماع بين عضو المكتب السياسي موسى أبو مرزوق ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي. نحن لم نتحدّث باسمهم، إنّما باسم الشعب الفلسطيني انطلاقاً من حضورنا ودورنا وتمثيلنا”.
الجماعة: لا يمثّلون الإسلام السياسيّ
في الاتجاه نفسه تمضي الجماعة الإسلامية التي تعتبر أنّ الإسلاميين الذين يقاتلون حركة فتح لا يمثّلون الإسلام السياسي، وتؤكّد عدم وجود أيّ علاقة أو تواصل معهم الآن عن طريق وسطاء من أجل إنهاء النزاعات: “هؤلاء يشكّلون حالة خاصة خارج الأطر الثلاثة الأساسية المتعارَف عليها في مخيّم عين الحلوة: منظمة التحرير، القوى الإسلامية، قوى التحالف الفلسطيني”.
ترى الجماعة أنّ الحلّ يكون في “وقف الاشتباكات بشكل فوري، وتطبيق مندرجات الاتفاق الذي أجمعت عليه هيئة العمل الفلسطيني المشترك، ومن ضمنه تسليم المتّهمين إلى الأجهزة الأمنية والقضائية اللبنانية، مع التأكيد أنّ فرضية عدم القدرة على التسليم ليست مبرِّراً لتدمير المخيّم”.
إقرأ أيضاً: إسلاميّو عين الحلوة (1/2): من هم… ومن يحرّكهم؟
أمّا “جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية” فقد تعذّر التواصل مع مسؤوليها. وذلك نابع من رغبة “المشاريع” في الابتعاد عن الانقسامات. بيد أنّ لدى الجمعيّة، التي يشكّل اللاجئون الفلسطينيون أحد أعمدتها الشعبية، علاقة قديمة وراسخة مع حركة فتح، وعلاقة جيّدة نسبياً مع باقي الفصائل بمعزل عن التباين الأيديولوجي معها، وذلك لأنّها تركّز على العمل الاجتماعي في داخل المخيّمات الذي تنشط فيه منذ أكثر من 40 سنة.